للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الثالث: (الحكمة، كمشقة السفر للقصر والفطر، والدين لمنع الزكاة، والأبوة لمنع القصاص).

استعيرت العلة من التصرف العقلي إلى التصرف الشرعي فجعلت فيه لمعان ثلاثة.

أحدها: ما أوجب الحكم الشرعي، أي وجد عنده قطعًا (١).

وهو المجموع المركب من مقتضي الحكم وشرطه وأهله، تشبيهًا بأجزاء العلة العقلية، وذلك لأن الفلاسفة والمتكلمين وغيرهم قالوا: كل حادث لا بد له من علة، لكن العلة إما مادية كالفضة للخاتم والخشب للسرير، أو صورته كاستدارة الخاتم وتربيع السرير، أو فاعلية كالصائغ والنجار، أو غائية كالتحلي بالخاتم والنوم على السرير، فهذه أجزاء العلة العاقلية ومجموعها المركب من أجزائها هو العلة التامة.

فكذلك استعمل الفقهاء لفظ العلة بإزاء الموجب للحكم الشرعي، فالموجب له لا محالة هو مقتضيه وشرطه ومحله وأهله، ومثاله (٢) وجوب الصلاة حكم شرعي ومقتضيه أمر الشارع بالصلاة، وشرطه أهلية المصلى لتوجيه الخطاب إليه بأن يكون عاقلًا بالغًا عاريًا (٣) عن موانع من حيض ونفاس، ومحله الصلاة وأهله المصلى، وكذلك حصول الملك في البيع والنكاح حكم


(١) انظر: روضة الناظر ص (٣٠)، شرح مختصر الروضة للطوفي (١/ ١٤٢ أ)، شرح الكوكب المنير (١/ ٤٤١)، المدخل لابن بدران ص (١٥٩).
(٢) في الهامش ما يلي (مسألة: الحمد لله مقابلة بأصله ولله الحمد).
(٣) في الأصل: "عار".