للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

"لا تكلفوهم ما لا يطيقون" (١).

وقوله {كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ} (٢) تكوين وإظهار للقدرة و {كُونُوا حِجَارَةً} (٣) تعجيز وليس شيء من ذلك أمرًا.

وتكليف أبي جهل الإيمان غير محال، فإن الأدلة منصوبة والعقل حاضر وآلته تامة، ولكن علم الله تعالى منه أنه يترك ما يقدر عليه حسدًا وعنادًا والعلم يتبع المعلوم ولا يغيره، ولذلك نقول الله تعالى قادر أن يقيم القيامة في وقتنا وإن كان أخبر أنه لا يقيمها الآن وخلاف خبره محال، لكن استحالته لا ترجع إلى نفس الشيء فلا تؤثر فيه (٤).

تنبيه: تقدم ذكر الثنوية (٥) وهم مجوس قائلون بأن للعالم ربين نور وظلمة، وكذبوا، بل الله سبحانه وتعالى وحده رب النور والظلمة وخالقها، كما قال تعالى: {وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ} (٦).


(١) لم أقف على الحديث بهذا اللفظ، وإنما رواه مسلم في كتاب الإيمان عن أبي هريرة مرفوعًا "للملوك طعامه وكسوته ولا يكلف من العمل إلا ما يطيق" ورواه مالك (١٩٠٢) وأحمد والبيهقي والشافعي كما أخرج مسلم حديث أبي ذر وفيه "ولا تكلفوهم ما يغلهم".
انظر: صحيح مسلم (١١/ ١٣٤) وموطأ مالك (٤/ ٣٦٥) والفتح الرباني (١٤/ ١٤٦) وفيض القدير (١/ ٢٢١).
(٢) سورة البقرة: (٦٥).
(٣) سورة الإسراء: (٥٠).
(٤) روضة الناظر ص (٢٨ - ٢٩).
(٥) انظر: الملل والنحل للشهرستاني (٢/ ٨٠ - ٨١) واعتقادات فرق المسلمين للرازي ص (٨٨ - ٨٩) وقال الرازي: وهم أربع فرق.
(٦) سورة الأنعام: (١).