للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وذكر بعضهم (١) في هذه المسألة أربعة مذاهب.

الأول: ومذهب أبي هاشم، والثالث وذكر أنه نسب إلى الجمهور أنه فعل الضد المنهي عنه، فإذا قال "لا تتحرك" فمعناه افعل ما يضاد الحركة، والرابع: التفصيل بين الترك المجرد المقصود لنفسه من غير أن يقصد معه ضده فالتكليف فيه بالفعل، كالصوم. فالكف فيه مقصود ولهذا وجبت فيه النية، وبين الترك المقصود من جهة إيقاع ضده كالزنا والشرب فالمكلف فيه بالضد.

وهذا التفصيل ظاهر كلام الغزالي في المستصفى (٢) وكلامه في الروضة قريب من هذا، فإنه قال: والصحيح أن الأمر فيه منقسم (٣)، فإن الكف في الصوم مقصود، ولذلك تشترط النية فيه، والزنا والشرب نهي عن فعلهما فيعاقب على الفعل، ومن لم يصدر منه ذلك لا يثاب ولا يعاقب إلا إذا قصد كف الشهوة عنه مع التمكن، فهو مثاب على فعله، ولا يبعد أن يقصد أن لا يتلبس بالفواحش وإن لم يقصد أن يتلبس بضدها (٤).

وجه الأول: أن مقصود الكف الانتهاء، فإذا قلت: لا تسافر فقد نهيته عن السفر، والنهي يقتضي الانتهاء, لأنه مطاوعة، يقال: نهيته فانتهى، والانتهاء هو الانصراف عن المنهي عنه وهو الترك.


(١) منهم الزركشي في تشنيف المسامع (ق ١٩ ب).
(٢) انظر: المستصفى (١/ ٩٠).
(٣) في الروضة "مستقيم".
(٤) روضة الناظر ص (٢٩ - ٣٠).