للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإلا لم يتصور منه قصد الطاعة والامتثال بفعله، ومن ثم لا يكفي مجرد الفعل لقوله: "إنما الأعمال بالنيات" إذ الطاعة موافقة الأمر، والامتثال هو جعل الأمر مثالًا يتبع مقتضاه، فإن لم يعلم الأمر لم يتصور موافقته له ولا نصبه مثالًا يعتمده فيكون من تكليف ما لا يطاق.

ومن شروطه: أن يكون معدومًا عند الأكثر (١) كالأمر بصلاة الظهر قبل الزوال، إذ إيجاد الموجود محال (٢) كما يقال لمن بنى حائطًا أو كتب كتابًا ابنه أو اكتبه بعينه مع بقائه مبنيًا مكتوبًا مرة أخرى.

ووجه كون إيجاد الموجود محالا أن الإيجاد هو تأثير القدرة في إخراج المعدوم عن العدم إلى الوجود، فلو أوجده مرة ثانية لزم أن يكون معدومًا لاحتياجه إلى الإخراج من العدم موجودًا بالإيجاد الأول، فيلزم أن يكون موجودًا معدومًا معًا وهو جمع بين النقيضين وهو محال.

وحكي عن طائفة من المتكلمين أن الأمر بالموجود جائز (٣).


= انظر: روضة الناظر ص (٢٨)، ومختصرها للطوفي ص (١٥)، وشرح المختصر له (١/ ق ٧١ أ) والمدخل لابن بدران ص (١٤٥ - ١٤٦)، والمستصفى (١/ ٨٦).
(١) انظر: المراجع السابقة. وفواتح الرحموت (١/ ١٣٣)، وشرح المحلي على جمع الجوامع (١/ ٢١٦).
(٢) وأضاف الغزالي للفعل المكلف به شرطًا رابعًا هو: جواز كون الفعل مكتسبًا للعبد حاصلًا باختياره، فعلى هذا لا بد أن يكون الفعل بالإضافة إلى كونه ممكنًا مقدورًا للمكلف. انظر المستصفى (١/ ٨٦).
(٣) وقال عنه المجد بن تيمية: وهذا القول أجود. =