للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالقرينة، ولو أطلق لما فهم منه إلا العبارة وكذلك كل ما جاء من هذا الباب، إنما يفيد مع القرينة، وهذا شأن المجاز، ومنه قول عمر - رضي الله عنه - "زوت (١) في نفسي كلاما" إنما أفاد ذلك بقرينة قوله "في نفسي" (٢) وسياقا القصة.

وأما قوله تعالى: {وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ} فلا حجة فيه لهم، لأن الإسرار نقيض الجهر، وكلاهما عبارة أرفع صوت من الأخرى (٣).

وأما الشعر الذي نسب إلى الأخطل فليس هو في نسخ ديوانه (٤) وإنما هو لابن ضمضم (٥) ولفظه:

إن البيان من الفؤاد وإنما ... جعل اللسان على الفؤاد دليلًا


(١) قال ابن الأثير في النهاية (٢/ ٣١٨)، زوت بمعنى هيأت وأصلحت والتزوير، إصلاح الشيء. وكلام مزور أي محسن.
(٢) قول عمر هذا حجة عليهم لأن معنى "زورت في نفسي" أي هيأت في نفسي كلمة وأعددتها لأقولها بدليل وردها عنه في صحيح البخاري بلفظ "هيأت" كما سبق فلفظ الكلمة يدل على أنه قدر في نفسه ما يريد أن يقوله ولم يقله فعلم أنه لا يكون كلامًا إلا إذا قيل باللسان وقبل ذلك لا يكون كلامًا.
انظر: الإيمان لشيخ الإسلام ابن تيمية ص (١٣١).
(٣) كذا في الأصل وصواب العبارة أن يقال: (كلاهما عبارة إنما أحدهما أرفع صوتا من الأخرى).
(٤) المرجع السابق ص (١٣٢).
(٥) في الأصل "ضمضام" وهو سعيد بن ضمضم الكلابي أبو عثمان كان فصيحًا، ووفد على الحسن بن سهل -وزير المأمون الخليفة العباسي المشهور- وله فيه أشعار جياد.
انظر: أنباه الرواة للقفطي (٤/ ١٨٧).