للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بكونه من الله تعالى وبمراده منه حاصل، ومع القطع تبطل فائدة الاستدلال.

وقال بعض الأصوليين: بل علم الله تعالى ورسوليه عليهما السلام استدلالي، لأنهم يعلمون الشيء على حقيقته، أي على ما هو به، وحقائق الأحكام تابعة لأدلتها وعللها، فكما يعلمون حقيقة الحكم يعلمون كونه تابعًا لدليله وعلته وأنها كذا (١) فكما يعلمون مثلًا وجوب الكفارة على الواطئ في نهار رمضان، يعلمون أن علة الوجوب عموم إفساد الصوم أو خصوصه بالوطء (٢)، فعلى هذا القول يكون "بالاستدلال" محترزًا به عن المقلد، لأنه يعلم بعض الأحكام الشرعية ومع ذلك لا يسمى علمه بها فقها، لأن علمه بها للنقل المجرد عن المجتهد لا عن نظر واستدلال (٣).

وقال النجم (٤) في حده: "هو معرفة أحكام جمل كثيرة عرفا من مسائل الفروع العملية بأدلتها الخاصة بها".


(١) انظر: مختصر الروضة للطوفي ص (٩).
(٢) ومن قال إن علة إيجاب الكفارة عموم إفساد الصوم أوجبها على المفطر بالأكل والشرب متعمدًا قياسًا على المفطر بالجماع، وبهذا قال مالك وأصحابه وأبو حنيفة والثوري، ومن قال إن العلة هي خصوص الوطء لأن انتهاك حرمة الصوم فيه أشد مناسبة لم يوجب عليه الكفارة وبهذا قال الشافعي وأحمد وأهل الظاهر. إلا أن أهل الظاهر لم يوجبوها لعدم قولهم بالقياس.
انظر: بداية المجتهد لابن رشد (١/ ٣٠٣ - ٣٠٤).
(٣) قال الطوفي: "وفيه نظر إذ المقلد يخرج بقوله عن أدلتها التفصيلية لأن معرفته ببعض الأحكام ليس عن دليل أصلًا".
انظر: مختصر الروضة له ص (٨).
(٤) هو أحمد بن حمدان كما سيصرح بذلك الشارح عند تعريف "الفقيه".