ثانيًا: طبقة العلماء: كانت تحظى باحترام المجتمع حاكمًا ومحكومين، وكان منهم القضاة ورجال الحسبة والمدرسون والوعاظ، وكانوا قادة الشعب الحقيقيين، وأكثرهم ممن اتصف بالورع والزهد والتقوى، والقليل منهم من جانبَ طريق الاستقامة.
ولا يزال التاريخ يذكر بالإجلال والإكبار مواقف العز بن عبد السلام، وشرف الدين النووي، وشيخ الإسلام ابن تيمية في الصدع بالحق والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة والجهاد بالقلم والسنان، وهم وإن كانوا من أبناء هذا العصر الذي نتحدث عنه ولكنهم ليسوا عنه ببعيد.
فما زالت آثارهم وتلاميذ تلاميذهم يعيشون بين ظهراني الناس ويؤثرون فيهم، وكان جمهور العلماء قد اشتغل بالعلم، وأقبل عليه تعلمًا وتعليمًا وتأليفًا وأعرض عن الدنيا وأهلها كأمثال الجراعي والمرداوي (١).
ثالثًا: طبقة التجار: وكانوا يؤلفون طبقة مقربة من السلاطين؛ لأنهم أدركوا أن التجار دون غيرهم هم الذين يستطيعون أن يمدوهم في ساعة العسرة، ورغم ذلك فقد تعرض التجار في كثير من الأوقات لمصادرة أموالهم، وللرسوم الباهظة التي كانت تفرض عليهم، حتى أصبح بعض التجار يدعون على أنفسهم بسبب تلك الأموال التي جعلتهم تحت مراقبة السلاطين المماليك، وكان التجار يعمدون إلى إخفاء أموالهم وأرزاقهم