للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأمر: "استدعاء الفعل بالقول، أو ما قام مقامه على جهة الاستعلاء"، لاستقام أيضًا؛ لأن ما قام مقام القول، يتناول الإشارة والرمز، ونحوهما مما يكون به الأمر. وقد تقدم الجواب عن هذا (١).

ثم هل يشترط العلو والاستعلاء أم لا؟ على أربعة مذاهب.

أحدها: عدم اعتبارهما، صححه في تشنيف المسامع (٢)، ونقله في المحصول (٣) عن أصحابهم؛ لإمكان أن يقوم بذات الأدنى طلب من الأعلى كقول فرعون لمن دونه: {فَمَاذَا تَأْمُرُونَ} (٤).

والثاني: يعتبران، وبه جزم ابن القشيري (٥)، وحمل قول فرعون على الاستشارة، ولأنهم اتفقوا على تحميق العبد الآمر لسيده، وأيضًا: فيحتمل أن فرعون أخطأ لما دهمه من الأمر العظيم (٦)، وهو أمر موسى عليه الصلاة والسلام. فإنه لما ألقى العصا، ورد أنه ازدحموا فقتل منهم كذا كذا ألفًا (٧)، وأن فرعون


(١) أي بأن الأمر حقيقة في القول: فيكون مجازًا في غيره كالإشارة. انظر: ص (١٢٠).
(٢) انظر: تشنيف المسامع (٢/ ٥٧٧).
(٣) انظر: المحصول (٢/ ٣٠)، والذي صححه الإمام في المحصول (٢/ ١٧) وجزم به في العالم ص (٥٠) اشتراط الاستعلاء دون العلو.
(٤) آية (١١٠) من سورة الأعراف.
(٥) انظر: تشنيف المسامع (٢/ ٥٧٧).
(٦) قال الطوفي في شرح المختصر (٢/ ٣٥٢): "أي: لعله لما رأى الهول، اختلط عقله، فقلب حقيقة الأمر، وأخل بشرطه وهو الاستعلاء".
(٧) قال الطوفي: هلك منهم خمسة وعشرون ألفًا.
وانظر: التفسير الكبير للرازي (١٤/ ١٩٥)، روح المعاني للألوسي (٩/ ٢٦).