للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والفرق بين الاحتقار والإهانة (١): أن الإهانة إنما تكون لقول: أو فعل، أو ترك قول، أو ترك فعل، كترك إجابته، والقيام له عند سبق عادته، ولا تكون بمجرد الاعتقاد، والاحتقار قد يحصل بمجرد الاعتقاد، فإن من اعتقد في شيء أنه لا يعبأ به، ولا يلتفت إليه، يقال: إنه احتقره، ولا يقال: أهانه.

والحاصل: أن الإهانة هو الإنكار، كقوله تعالى {ذُقْ} (٢)، والاحتقار عدم المبالاة كقوله {بَلْ أَلْقُواْ} (٣) وقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (إذا لم تستحِ فاصنع ما شئت) (٤) ومعناه إذا لم تستحِ، صنعت ما شئت على حد الأقوال (٥)، ومعناه الخبر.

وقوله: "وعكسه: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ} (٦) " وجه العكس: أن {يُرْضِعْنَ}، ورد بصيغة الخبر، ومعناه الأمر.


(١) انظر: الإبهاج (٢/ ٢٠)، نهاية السول (٢/ ٢٥٠).
(٢) آية (٤٩) من سورة الدخان، وتمامها: {ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ (٤٩)}.
(٣) آية (٦٦) من سورة طه، وتمامها: {قَالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى (٦٦)}.
(٤) رواه البخاري في كتاب الأدب باب إذا لم تستح فاصنع ما شئت برقم: (٦١٢).
(٥) قال في فتح الباري (١٠/ ٦٤١): قال الخطابي: "الحكمة في التعبير بلفظ الأمر دون الخبر في الحديث أن الذي يكف الإنسان عن مواقعة الشر هو الحياء فإذا تركه صار كالمأمور طبعًا بارتكاب كل شيء.
وقيل: هو أمر تهديد، ومعناه إذا نزع الحياء فافعل ما شئت فإن الله مجازيك عليه. وفيه إشارة إلى تعظيم أمر الحياء".
(٦) آية (٢٣٣) من سورة البقرة.