للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونظرا إلى أن ابتداء الاشتغال بمسائل الأدب الدنيوى التى تندرج تحت علم المفردات، يرجع إلى ذلك العهد القديم، فإنه يترجّح أيضا رجوع المحاولات الأولى فى تفسير القرآن إلى العهد نفسه.

ومن البيّن بذاته أن أقدم تفاسير القرآن، أو بعضها على الأقل كانت ذات طابع معجمى، وهذا ما تؤيده الروايات.

وبقطع النظر عن بعض أحوال خاصة كان كبار الصحابة يسألون فيها العالمين تفسير ألفاظ غريبة في القرآن (٤٨)، فإن عبد الله بن العباس، ابن عم الرسول (المتوفى سنة ٦٨/ ٦٨٧ أو ٦٩/ ٦٨٨ أو ٧٠/ ٦٨٩؛ انظر تاريخ التراث العربى ١/ ٢٥)، يعدّ أوّل مفسر حقيقى للقرآن. وحفظت لنا الرواية اسم معلّم واحد على الأقل أخذ عنه ابن عباس تفسير الألفاظ، / هو أبو الجلد غيلان بن فروة الذي أشادوا بأنه جمع وقرأ كتبا كثيرة (٤٩).

ووصلت إلينا عدّة كتب أفردت لتفسير عبد الله بن العباس لغريب القرآن أو مشكله. وبعض هذه الكتب قد نقحها تلاميذه، دون ريب، أمّا بعضها الآخر فلم ينقّح إلا في عصر متأخر. على أن ثمة تأليفين يرجعان، بقطع النظر عمّا لحقهما من تغييرات يسيرة، إلى عبد الله بن العباس نفسه، ويبدو أن اعتراضات جولد تسيهر على صحة نسبتهما إليه ليس لها ما يسوّغها (انظر تاريخ التراث ١/ ٢٥ - ٢٦). وأحد هذين التأليفين هو تفسيره برواية على بن أبى طلحة الهاشمى (المتوفى سنة ١٢٠/ ٧٣٨)، والآخر هو «مسائل نافع بن الأزرق». ويحتوى أولهما على تفسير ألفاظ من القرآن، وقد حظى منذ زمان متقدم بتقدير طائفة من علماء المسلمين. والنقد الذي وجّه إلى رواية على بن أبى طلحة ل «التفسير»، ويقول بأنه روى النص دون قراءته على ابن العباس، كان ينبغى أصلا أن يفهم منه أن تحرير النص كان لابن العباس نفسه، وأنّ على بن أبى طلحة لم يقم إلّا برواية أصل مدوّن خلو من «القراءة المستحبّة على المؤلف».


(٤٨) انظر جولد تسيهر، «مذاهب التفسير الاسلامى».
I. Goldziher, Die Richtungenderisl amischen Koranauslegung, Leiden ١٩٥٢, ٧٠.
(٤٩) انظر تاريخ التراث العربى ١/ ٢٦، والتصحيف للعسكرى ص ٤٠٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>