السلطان المعظم ومجلس الخلافة أيام القادر بالله، فأفتن أهل بغداد بلسانه وإحسانه، وبزَّهم في إيراده وإصداره بصحة إتقانه، ونكَّت في ذلك المشهد النبوي، والمحفل الإمامي أشياء أُعجب بها كُفاته، وسلَّم الفضل له فيها حماته، وقالوا: مثله فليكن نائبًا عن ذلك السلطان المؤيد بالتوفيق والنصرة، وافدًا على مثل هذه الحضرة، حتى صدر وحقائبه مملوءة من أصناف الإكرام، وسهامُهُ فائزة بأقصى المرام، ثم كان شافعي العلم، شريحي الحكم، سحباني البيان، سحَّار اللسان. وقال الخطيب في "تاريخه": الواعظ الفقيه على مذهب الشافعي، ولي قضاء نيسابور، وقدم بغداد، وحدث بها، حدثثي عنه الحسن بن محمد الخلال، وذكر لي أنه قدم بغداد في حياة أبى حامد الإسفراييني، قال: وكان إمامًا نظارًا، وكان أبو حامد يعظمه ويجلُّه. ونقل ابن الصلاح في "طبقاته" عن شيرويه أنه قال: كان صدوقًا. وقال عبد الغافر في "السياق": القاضي الإمام البارع الواعظ، إمام أهل خراسان، ومقدم الشافعية في عصره، ومناظر وقته، قلد قضاء نيسابور سنة ثمان وثمانين وثلاثمائة، سمع ببغداد، وبالأهواز، وبالبصرة، وشيراز، وبأصبهان، حدث عنه الحاكم وانتخب عليه. وقال ابن الصلاح في "طبقاته": كان قاضي نيسابور، واحد رؤساء الشافعية بها. وقال الذهبي: شيخ الشافعية، وقاضي نيسابور الإمام، له رحلة واسعة وفضائل، ووعظ مرة، ثم تصدر للإفادة والفتيا، وولي القضاء فأظهر المحدثون من الفرح ألوانًا. وقال السبكي: كان أحد الأئمة من أصحابنا، والرفعاء من علمائهم.
توفي بنيسابور، في شهر رمضان سنة سبع وأربعمائة، وقيل: سنة ثمان