يحضره كل يوم، فيقعد معه، وكذلك كل رئيس ومرؤوسٍ وقاضٍ ومفتٍ من الفريقين، فلما انقضت أيام العزاء عقدوا له المجلس غداة كل يوم للتدريس بين العشائين للإلقاء، وعشية الأربعاء للنظر، واستقرت به الدار، ولم يبق في البلد موافق ولا مخالف إلا وهو مقر له بالفضل والتقدم، وحضره المشايخ مرة بعد أخرى يسألونه نقل من خلَّفهم وراءه بأصبهان، فأجاب إلي ذلك ودرس وأفتى ورأس أصحابه بنيسابور اثنتين وثلاثين سنة، وصار مقدَّمًا للعلماء على الإطلاق، سمع بخراسان، وبالري، وبالعراق، وأظنني أول من كتب عنه الحديث، فإني سمعت الأستاذ يقول عند وروده في سنة سبع وثلاثين: كنت أمشي مع عمي، فلما وردنا باب عزرة استقبلنا أبو العباس السراج، فسلم عليه عمي، ثم قال: يا أبا العباس ابن أخي، فرحَّب بي أبو العباس ودعا لي، فقال له عمي: يا أبا العباس حدثه بحديث، فقال: حدثنا قتيبة بن سعيد، حدثنا جعفر بن سليمان، عن ثابت عن أنس؛ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان لا يدِّخر شيئًا لغدٍ حدثني به وهو قائم، وذلك سنة خمس وثلاثمائة، ثم إن الأستاذ سئل عن التحديث غير مرة، فامتنع أشد الامتناع إلى غرة رجب من سنة خمس وستين وثلاثمائة عشية الجمعة، فإنه أجاب إلي الإملاء، وقعد للتحديث، وحدث، وسمعت أبا بكر أحمد بن إسحاق الإمام -رحمه الله تعالي- غير مرة وهو يعوِّذ الأستاذ أبا سهل، وينفث على دعائه، ويقول: بارك الله فيك، لا أصابك العين، هذا في مجالس النظر عشية السبت للكلام، وعشية الثلاثاء للفقه، وسمعت أبا علي الإسفراييني يقول: سمعت المروزي يقول: ذهبت الفائدة من مجلسنا بعد خروج أبي سهل النَّيْسابُوري. وسمعت أبا الطاهر