ومدحه، وأخذ صلته، ثم هجاه وأوحشه حتى أطال سجنه، فجعل الله من مضيق الحبس مخرجًا، فنهض إلى طبرستان، وكانت حالته مع صاحبها كهي مع طاهر بن شار، ثم إنه عاود نيسابور، وأقام بها إلى أن وفق التوفيق كله بقصد حضرة الصاحب بأصبهان، ولقائه بمدحه، فأنجحت سفرته، وربحت تجارته، وسعد جده بخدمته ومداخلته والحصول في جملة ندمائه المختصين به، فلم يخل من طل إحسانه ووابله، وغامر إنعامه وقابله، وتزود من كتاب إلى حضرة عضد الدولة بشيراز ما كان سببًا لاتياشه ويساره، فإنه وجد قبولًا حسنًا، واستفاد منها مالًا كثيرًا، ولما انقلب عنها بالغنيمة الباردة إلى نيسابور، استوطنها واقتنى بها ضياعًا وعقارًا، ودرت عليه أخلاف الدنيا من الجهات، وحين عاود شيراز ورد منها عللًا بعد نهل، فأجرى له عند إنصرافه رسمًا يصل إليه في كل سنة بنيسابور مع المال الذي كان يحمل من فارس إلى خراسان، ولم يزل بحسن حال من رواء وثروة واستظهار، يقيم للأدب سوقًا، ويعيده غضًا وريقًا، ويدرس ويملي، ويشعر ويروي، ويقسم أيامه بين مجالس الدرس، ومجالس الأنس، وكان يتعصب لآل بويه تعصبًا شديدًا، ويغض من سلطان خراسان، ويطلق لسانه بما لا يقدر عليه، إلى أن كانت أيام تاش الحاجب، ورجع من خراسان إلى نيسابور منهزمًا فشمت به وجعل يقول: قبحًا له، وللوزير أبي الحسن العتبي أبياتًا منسوبة إلى الخوارزمي في هجائه، ولم يكن قالها، منها:
قل للوزير أزال الله دولته ... جزيت حرفًا على نوح بن منصور
فكتب إلى تاش في أَخْذه ومصادرته وقَطْع لسانه، وإلى أبي المظفر