الرعيني في معناه، وكان يلي البندر بنيسابور إذ ذاك، فتولي حبسه وتقييد، وأخذ خطه بمائتي ألف درهم، واستخرج بعض المال وأذن له في الرجوع إلى منزله مع الموكلين به ليحمل بالباقي، فاحتال عليهم يومًا، وشغلهم بالطعام والشراب، وهرب متنكرًا إلى حضرة الصاحب بجرجان، فتجلت عنه غمة الخطب، وانتعش في ذلك الفناء الرحب، وعاود العادة المألوفة من المبار والأحبية، واتفق قتل أبي الحسن العتبي وقيام أبي الحسن المزني مقامه، وكان من أشد الناس حيًا للخوارزمي، فاستدعاه وأكرم مورده ومصدره، وكتب إلى نيسابور في ردِّ ما أخذ منه عليه، ففعل وزادت حاله وثبت قدمه، ونظر إليه ولاة الأمر بنيسابور بعين الحشمة والاحتشام والإكرام والإعظام، فارتفع مقداره، وطاب عيشه إلى أن رمي في آخر أيامه بحجر من الهَمَذَاني الحافظ البديع، وبلي بمساجلته ومناظرته ومناضلته، وأعان الهمذاني الحافظ البديع عليه قوم من الوجوه كانوا مستوحشين منه جدًا، فلاقى ما لم يكن في حسابه من مباراة المزني وقوته به، وأنف من تلك الحال، وانخزل انخزالًا شديدًا، وكسف باله وانخفض طرفه، ولم يحل عليه الحول حتى خانه عمره، ونفذ قضاء الله فيه.
قال مقيده -عفا الله عنه-: لقد طال العلامة الثعالبي ترجمه في كتابه "يتيمة الدهر" فبلغت أكثر من خمسين صحيفة، وخلاصتها فيما سبق، والله المستعان.
وقال السمعاني في "الأنساب": كان أوحد عصره في حفظ اللغة والشعر، وكان قريضة يقصر عن شعره، وحكى عنه أنه دخل مجلس