وقال في "تاريخه": الأديب الزاهد، من العباد والعلماء المجتهدين، درس الأدب على: أبي عمرو الزردي، وأبي حامد الخارزنجي، وأبي عمر الزاهد، وأقرانهم، والفقه بخراسان على: أبي الوليد، وبالعراق على: أبي علي بن أبي هريرة، والكلام على أبي سهل الخليطي، والمعاني على: أبي بكر بن عبدوس ونظرائه، وسمع بخراسان: أبا حامد بن بلال البزاز، وأبا بكر محمَّد بن الحسين القطان، وأقرانهما، وبالعراق: أبا علي الصفار، وأبا جعفر الرزاز، وأقرانهما، وبالحجاز: أبا سعيد بن الأعرابي، وأقرانه، ودخل اليمن فأدرك بها الأسانيد العالية، وكان من المجتهدين في العبادة، الزاهدين في الدنيا، تجنب مخالطة السلاطين وأولياءهم، إلى أن خرج من دار الدنيا، وهو ملازم لمسجده ومدرسته، قد اقتصر على أوقاف لسلفه عليه على قوت يوم بيوم، تخرج به جماعة من العلماء الواعظين، وظهر له من مصنفاته أكثر من ثلاثمائة كتاب منصف، وقد ظهر لنا في غير شيء أنه كان مجاب الدعوة، وحدثني جماعة من أصحابه أنه كان قبل مرضه ينشد كل يوم ما لا يحصى من مرة قول القائل:
وما تنفع الآداب والحلم والحجى وصاحبها عند الكمال يموت
ومرض يوم الأربعاء، سادس عشر رجب، واشتد به المرض يوم الثلاثاء السابع من ابتداء مرضه، فبكَّرت إليه وقد ثقل لسانه، وكان يشير بإصبعه بالدعاء، ثم قال لي بجهد جهيد: تذكر قصة محمَّد بن واسع مع قتيبة بن مسلم؟ فقلت تفيد، فقال: إن قتيبة كان يجري على محمَّد بن واسع تلك الأرزاق، وهو شيخ هرم ضعيف، فعوتب على ذلك، فقال: إصبعه في الدعاء أبلغ في النصر من رماحكم هذه، ثم عدت إليه في يوم