وقال في "نشوار المحاضرة": ومن الرواة الذين لم نر قط أحفظ منهم: أبو عمر محمَّد بن عبد الواحد غلام ثعلب، أملى من حفظه ثلاثين ألف ورقة لغة فيما بلغني، وجميع كتبه التي في أيدي الناس إنما أملاها بغير تصنيف، ولسعة حفظه اتهم بالكذب، وكان يسأل عن الشيء الذي يقدر السائل أنه قد وضعه فيجيب عنه، ثم يسأله غيره عنه بعد سنة على مواطئة فيجيب بذلك الجواب بعينه. وقال أبو القاسم عبد الواحد ابن علي بن برهان الأسدي: لم يتكلم في علم اللغة أحد من الأولين والآخرين أحسن من كلام أبي عمر الزاهد، وله كتاب "غريب الحديث" صنفه على المسند لأحمد، هو حسن جدًا. وقال ابن النديم في "فهرسته" سمعت جماعة من العلماء يضعفون حكايته وينسبونه إلى التزيّد، وكان نهاية في النصب والميل على علي كرم الله وجهه، وكان ينزل في سكة أبي العنبر، وكان يقول إنه شاعر مع عاميته، فمن شعره:
إذا ما الرافضي الشامي تمت ... معاييه تختم في يمينه
فإما إن أتاك لسمت وجه ... فإن الرفض باء في جبينه
ويكفيه جهلًا هذا الشعر. قال الحافظ في "اللسان": قلت هذا أوضح الأدلة على أن ابن النديم رافضي؛ لأن هذه طريقتهم يسمون أهل السنة عامية، وأهل الرفض خاصية.
وقال الخطيب في "تاريخه": سمعت غير واحد يحكي عن أبي عمر الزاهد أن الأشراف والكتاب وأهل الأدب كانوا يحضرون عنده ليسمعوا منه كتب ثعلب وغيرها، وكان له جزء جمع فيه الأحاديث التي تروى في فضائل معاوية، فكان لا يترك واحدًا منهم يقرأ عليه شيئًا حتى يبتدئ بقراءة