والحجاز والشام ذهبت عن آخرها، وحدَّث عندنا سنين -إملاءً وقراءة- واستوطن نيسابور سنة إحدى وعشرين وثلاثمائة إلى أن توفي.
وقال في "سؤالات السجزي": حافظ قديم الرحلة، كثير الطلب، ولما احتيج إليه وقد ضاعت سماعاته القديمة؛ حدث من حفظه بأحاديث وذكر أنه يعرفها، وغير مستبعد لمثله أن يحفظ سؤالات الشيوخ، فأما مذاكرته فإنه كان يتحرى في أكثرها الصدق، واطلعنا على كتبه بعد وفاته فما رأينا إلا الخير، والله أعلم.
وقال الحاكم -أيضًا- في "تاريخه": سمعت الصفار -يعني: أبا عبد الله محمَّد بن عبد الله الأصبهاني- يدعو في مسجده وهو رافع باطن كفه إلى السماء، وهو يقول: يا رب إنك تعلم أن أبا العباس المصري ظلمني، وخانني، وحبس عني أكثر من خمسمائة جزء من أصولي، اللهم فلا تنفعه بتلك، وسائر ما جمعه من الحديث، ولا تبارك له فيه، وكان أبو عبد الله مجاب الدعوة، وكان السبب في موجدته على أبي العباس المصري ورَّاقِهِ، وذلك أنه قال له: اذهب إلى أبي العباس الأصم، وقيل له: قد حضرت معك ومع أبيك قراءة كتاب "الجامع للثوري" مجلس أسيد بن عاصم وقد ذهب كتابي، فإن كان لي في كتابك سماع بخطي فأخرجه إلى حتى أنسخه، فذهب فقال أبو العباس الأصم: السمع والطاعة، وأخرج الكتاب في أربعة أجزاء بخط يعقوب، وسماع أبي عبد الله فيه بخطه، فدفعه إلى أبي العباس المصري، فأخذه ووضعه في بيته، ثم جاء إلى أبي عبد الله فقال: إن الأصم رجل طمَّاع، وقد أخرج سماعك بخطك في