نسخها جماعة من أهل الحديث وسمعوها منه، وصارت تلك المصنفات في المسلمين تاريخًا لنيسابور وعلمائها الماضين منهم والباقين، وكثيرًا أقول: إني لم أر أجمع منه علمًا وزهدًا وتواضعًا وإرشادًا إلى الله تعالي، وإلى شريعة نبيه - صلى الله عليه وسلم -، وإلى الزهد في الدنيا الفانية، والتزود منها للآخرة الباقية، زاده الله ترفيعًا وأسعدنا بأيامه، ووفقنا للشكر لله تعالي بمكانه، إنه خير معين وموفق. وقال التنوخي: قدم بغداد حاجًا في سنة ثلاث وتسعين وثلاثمائة، وخرج مكة -حرسها الله-، وأقام بها مجاورًا، وسمعت منه بعد عوده في سنة ست وتسعين وثلاثمائة. وقال الخطيب: كان ثقة صالحًا، ورعًا زاهدًا. وقال أبو الحسن عبد الغافر الفارسي في "السياق": الواعظ الأستاذ الكامل، أحد أفراد خراسان علمًا وزهدًا وورعًا وحسبةً وطريقةً، تفقه على أبي الحسن الماسرجسي، وتخرج به، ثم ترك الجاه، وجالس الزُّهَّاد والعُبَّاد، ولزم العمل في حداثة سنه، وحج وجاور، ثم رجع إلى خراسان ولزم بيته، سمع من الأصم، ولم يوجد سماعه إلا بعد وفاته، وعقد له مجلس الإملاء بنيسابور، فأملى سنين، وحدَّث عنه الكبار مثل الحاكم أبي عبد الله، وجماعة ماتوا قبله، وحدَّث عنه الحفاظ مثل أبي حازم العبدوي، وغيره. وقال السمعاني: كان إماما زاهدًا فاضلًا عالمًا، له البر وأعمال الخير، والقيام بمصالح الناس، وإيصال النفع إليهم، أدرك الشيوخ، وصنف التصانيف المفيدة. وقال ابن عساكر: قدم دمشق سنة خمس وتسعين وثلاثمائة، وكان له بنيسابور وجاهة وتقدم عند أهلها، وقبره بها يزار -رحمه الله - وقد زرته. وقال الذهبي: الإِمام القدوة، شيخ الإِسلام، وكان ممن وضع له القبول في الأرض، وكان الفقراء في مجلسه