يديه ولا من خلفه، إذ جعل لأهل الإلحاد في دين الله بسيِّىء رأيه طريقًا إلى مغالطة أهل الحق بتخير القرآن من جهة البحث والاستخراج بالآراء دون الاعتصام والتمسك بالأثر المفترض، وقد كان أبو بكر -يعني ابن مجاهد- شيخنا نضر الله وجهه نشله من بدعته المضلة باستتابته منها، وأشهد عليه الحكام والشهود المقبولين عند الحكام، بتركه ما أوقع نفسه فيه من الضلالة بعد أن سئل البرهان على صحة ما ذهب إليه فلم يأت بطائل، ولم يكن له حجة قوية ولا ضعيفة، واستوهب أبو بكر - رضي الله عنه - تأديبه من السلطان عند توبته وإظهاره الإقلاع عن بدعته، ثم عاود في وقتنا هذا إلى ما كان ابتدعه واستغوى من أصاغر المسلمين ممن هو في الغفلة والغباوة دونه، ظنًا منه أن ذلك يكون للناس دينًا، وأن يجعلوه فيما ابتدعه إمامًا, ولن يعدوها ضل به مجلسه, لأن الله قد أعلمنا أنه حافظ كتابه من لفظ الزائغين، وشبهات الملحدين {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} قال الخطيب: ثم ذكر أبو طاهر كلامًا كثيرًا. وقال أبو عمرو الداني: مشهور بالضبط والإتقان، عالم بالعربية، حافظ اللغة، حسن التصنيف في علوم القرآن، وكان قد سلك مذهب ابن شنبوذ الذي أنكر عليه الناس لأجل ذلك، وسمعت عبد العزيز بن جعفر يقول: سمعت منه "أمالي ثعلب" واختار حروفًا خالف فيها العامة، فنوظر عليها فلم يكن عنده حجة، فاستتيب، فرجع عن اختياره بعد أن وقف للضرب، وسأل ابن مجاهد أن يُدرأ عنه ذلك فدرئ عنه، فكان يقول: ما لأحد على منَّةٌ كمنَّة ابن مجاهد، ثم إنه رجع بعد موت ابن مجاهد إلى قوله، فكان ينسب إلى القول بأن كل قراءة توافق خط المصحف فالقراءة بها جائزة، وإن لم يكن