للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وانتشرت الفتاوى بردة من تجنس بها وحدث بعض الاختلاف حول ردة المتجنس، ودخل في تلك المسألة الشيخ الطاهر بن عاشور شيخ جامع الزيتونة صاحب تفسير التحرير والتنوير فأفتى بجواز دفنه في مقابر المسلمين ورد عليه الرأي العام في تونس، ووصل الأمر إلى استفتاء علماء مصر فأفتى فيها الشيخ يوسف الدجوي وغيره بتأييد ماعليه عامة الفقهاء من ردته لما يترتب على تجنسه من الرضا بقوانين الكفر اختيارا واستندوا في الفتاوى إلى أدلة كثيرة من القرآن الكريم (١).

ثم قامت الحرب العالمية الثانية وتوفي أحمد باي، وتولى بعده محمد المنصف باي ابن الناصر باي سنة ١٩٤٢ م، وفي عهده قام على التراب التونسي معارك مدمرة بين الحلفاء (انكلترا وأمريكا وفرنسا) وبين جنود المحور (ألمانيا وإيطاليا) عانت منها تونس معاناة شديدة وتضررت البلاد أضرارا فادحة وأسفرت الحرب عن طرد قوات جنود المحور بعد هزيمتهم وعزلت قوات الحلفاء محمد المنصف باي بسبب وشايات ضده وتولى بعده محمد الأمين بن محمد الحبيب باي سنة ١٩٤٣ م، الذي كان عهده مسرحا لتنكيل الفرنسيين بمن توهموا فيه إعانة دول المحور، وامتلأت السجون وتعدد الإعدام الجماعي، وفي عام ١٩٤٥ م خرج الحبيب بورقيبة وهو من زعماء الحركة الوطنية إلى الشرق ثم إلى الغرب معرفا بالقضية التونسية وعقد الشعب مؤتمر ليلة القدر سنة ١٩٤٦ م، وتقرر فيه مبدأ المطالبة بالاستقلال وانتهى الأمر بالقبض على بورقيبة وزملائه سنة ١٩٥٢ م، وانبعثت الثورة المسلحة التي عمت البلاد والتي تنوعت فيها أساليب الإجرام والإرهاب من الجانب الفرنسي حتى صارت الحياة في البلاد جحيما لايطاق حتى اضطرت حكومة فرنسا إلى وضع حد لهذه الحالة، فأعلنت مبدأ الاستقلال وتوالت الاتفاقيات حتى تقرر منح الاستقلال سنة ١٩٥٦ م (٢).

وقد ظهر في تلك الفترة من أعلام المنطقة في التفسير الشيخ محمد


(١) انظر: الحملة الصليبية على الإسلام في شمال إفريقية (كاملا).
(٢) انظر تاريخ تونس ص: ١٣٨، خلاصة تاريخ تونس ص: ٢٤٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>