للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[اتجاهات التفسير بالمنطقة]

لقد ظهر في المنطقة المدروسة جميع اتجاهات التفسير تقريبا ويرجع ذلك لعاملين أساسيين هما:

١ - طول الفترة الزمنية التي شملها البحث وقوامها أربعة عشر قرنا.

٢ - ضخامة المساحة المدروسة والتي شملت مناطق الغرب الإسلامي كله تقريبا.

فمدرسة التفسير بالمأثور يتربع على عرشها بعد الصدر الأول تفسير يحيى بن سلام الذي يمثل الصورة السلفية للتفسير بالمأثور ويعتبر أقدم تفسير بالمأثور وهو يمثل الحلقة التي تصل بين أول تصنيف في التفسير على يد عبد الملك بن جريج، وبين أشهر تفسير بالمأثور لمحمد بن جرير الطبري.

ولهذا التفسير أهمية تاريخية بالغة وأهمية علمية كبيرة إذ به يتضح تطور منهج التفسير عما كان عليه في عهد ابن جريج إلى ماأصبح عليه في تفسير الطبري. ويقول الفاضل ابن عاشور: ويتضح أيضا لمن كان الطبري مدينا بذلك المنهج الأثري النظري الذي درج عليه في تفسيره العظيم (١).

وللطاهر المعموري نظرة أخرى في تفسير ابن سلام إذ قال: لم يحتل التفسير بإفريقية مكانة كبيرة منذ بدأت العلوم الإسلامية تنتشر في البلاد لعدم حاجة الناس إليه وضعف استعدادهم لممارسته حتى إن مشاهير الإفريقيين لم تكن البيئة هي التي دفعتهم إلى وضع تفاسير اشتهرت بنسبتها إلى إفريقية، بل الأجواء الخارجية من شرقية وأندلسية هي التي بعثت فيهم تلك الهمة، فأبو زكريا يحيى بن سلام بن أبي ثعلبة البصري الذي وضع تفسير مشهورا، لم تساهم البيئة الإفريقية في تكوينه لأنه تفقه على علماء المشرق وأخذ عنهم، وهو بصري قبل أن يكون إفريقيا. إنما المدة التي قضاها بإفريقية ثم تدريسه الكتاب بها جعلا الأفارقة يدعون أنه تفسير إفريقي. (٢)

وفي كلامه نظر واسع يرد معظمه ماسبق بيانه عن تطور التفسير بالمنطقة، وكون المفسر تأثر بالمشرق أمر لابد منه فإن المشرق هو منبع


(١) التفسير ورجاله ص: ٢٧.
(٢) انظر جامع الزيتونة ومدارس العلم في العهدين الحفصي والتركي ٣٢ - ٣٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>