للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ثانيا: موقفه من العقيدة]

وهو يتعرض لبعض مسائل الاعتقاد فمن ذلك تعقبه للزمخشري في قوله {إنا جعلناه قرآنا عربيا} (١) حيث قال الزمخشري: {جعلناه} بمعنى صيرناه معدى إلى المفعولين أو المعنى خلقناه معدى للواحد كقوله {وجعل الظلمات والنور} (٢) ونحوه. قال المؤلف عفا الله عنه: هذا فاسد لأن القرآن ليس بمخلوق (٣) كما تقرر في قواعد علم الكلام لاستحالة قيام الحوادث بذات الله سبحانه لما يلزم من حدوثه تقدير قبول الذات العليا لقيام الحوادث. فالذي لا يصح غيره؛ أن الجعل هنا بمعنى ... (٤) والحكم والإنزال ... وهذه من غلطاته الشنيعة التي هي عند أهل السنة آيلة إلى الجهل بصفات الله سبحانه وقد اختلفوا في تكفير من جهل الصفات كما بسطناه في موضعه.

ومن استطراداته ماذكره في قوله تعالى {ياأيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا} (٥) قال: قال العلماء: والنبي إذا عظم قدره عظمت أسماؤه. قال بعض الصوفية: لله ألف اسم، وللنبي عليه السلام ألف اسم. قال القاضي أبو بكر بن العربي: فأما أسماء الله فهذا العدد حقير فيها {قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي} (٦) وأما أسماء النبي - صلى الله عليه وسلم - فالمعلوم منها سبعة وستون اسما وهي النبي الرسول الرشيد المصدق ... الخ فذكرها كلها.

أقول: وجلها لا اعتبار له ولا صحة وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: "لي خمسة أسماء؛ أنا محمد وأنا أحمد وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر وأنا الحاشر الذي يحشر الناس على قدمي وأنا العاقب" (٧) كما في الصحيح وجاء النص على بعض الأسماء زيادة على تلك الخمسة أرى أن الاقتصار عليها


(١) الزخرف: ٣.
(٢) الأنعام: ١.
(٣) انظر كتاب العقيدة السلفية في كلام رب البرية ص: ٢٨٣ - ٣٢١ حيث تكلم عن شبه المعتزلة في خلق القرآن والرد عليهم.
(٤) كلمة غير واضحة في المخطوط.
(٥) الأحزاب: ٤٥.
(٦) الكهف: ١٠٩.
(٧) أخرجه البخاري - كتاب المناقب - باب ماجاء في أسماء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ٦/ ٥٥٤، ومسلم - كتاب الفضائل - باب في أسمائه - صلى الله عليه وسلم - ٤/ ١٨٢٨ عن جبير بن مطعم.

<<  <  ج: ص:  >  >>