للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يستقم من تفسير أو تأويل، ويرجح به آراء على أخرى، وتلتقي جميعها أحيانا في الآية الواحدة، وتعرض على التلاميذ لتناقش، فيصير الدرس محكمة تفسيرية تتداول فيها الآراء سجالا بين الحاضرين، فتجمع الاحتمالات العديدة والأوجه المختلفة وتتدارس برؤى سنية أشعرية ومنهجية حرة، ربما كانت فيها الكلمة الأخيرة لأحد الطلبة يقره عليها شيخه بكل تواضع علمي. ولقد اختار ابن عرفه لنفسه هذا المنهج التربوي وآثره على غيره من المناهج، وسار بالتفسير وجهة جديدة؛ وجهة السؤال والجواب قبل تقرير المسألة. (١)

وقال أيضا:

فجاء هذا التفسير يزخر بالنقل عن عشرات الكتب الثمينة النادرة وعشرات العلماء في كل فن، دون تمييز أحدهم عن سواهم، وإن كان قد خص بعضهم باهتمام أكثر من غيرهم كالزمخشري وابن عطية، وهو ما حمل المرحوم الشيخ محمد الطاهر ابن عاشور على القول بكون هذا التقييد تعليقًا على ابن عطية أشبه منه بالتفسير. والحقيقة أن هذا غير صحيح ذلك لأننا نلاحظ مثلا في سورة البقرة أن النقل عن ابن عطية يكاد يتساوي مع النقل عن الزمخشري عدديا فعن الأول نقل ابن عرفة مائتين وخمسًا وأربعين مرة وعن الثاني مائتين وإحدى عشرة مرة. (٢)

[المنهج التفصيلي للمؤلف]

أولا:

لقد اعتنى ابن عرفة بمجال المناسبات فبحث عن وجه مناسبة الآية لما قبلها وبين ما كان منها مكملاً للآخر، ووجه اتصال الآية بما قبلها، وما سيقت له، ومن ذلك:

ماذكره في تفسير قوله جل ذكره {زين للناس حب الشهوات} (٣)، فقال: مناسبتها لما قبلها أن الآية المتقدمة اقتضت الحض على الجهاد، ومدح المتصف به، ومن خالف نفسه في سبيل الراحة، أتت هذه الآية في معرض الذم لمن لم يتصف بذلك وطاوع نفسه وشهوته البهيمية (٤).

ومثل ذلك تفسيره لقوله تعالى: {ولله على الناس حج البيت} (٥)،


(١) مقدمة تفسير ابن عرفة١/ ٣٧ - ٣٨.
(٢) المصدر السابق ١/ ٤١.
(٣) آل عمران: ١٣ - ١٤.
(٤) ق: ٧١.
(٥) آل عمران: ٩٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>