للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

توجد في القرآن، ثلاث نظائر لتسكين الهمزة المتحركة إجراء للوصل مجرى الوقف أولها في قوله تعالى {وجئتك من سبأ بنبأ يقين} (١) ورويت هذه القراءة عن قنبل، والموضع الثاني في قوله تعالى {مادلهم على موته إلا دابة الأرض تأكل منسأته} (٢)، ورويت هذه القراءة عن ابن ذكوان، والموضع الثالث في قوله عز وجل {ومكر السيء} (٣) وهي قراءة حمزة. (٤)

كما كان لابن عرفة موقف موفق في رده قراءة ابن عطية التي خالف فيها القراءة المتواترة في قوله تعالى {لكن الراسخون في العلم منهم والمؤمنون يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك والمقيمين الصلاة} (٥)، إذ قرأ ابن عطية المقيمون، وهي قراءة شاذة، وأشار إلى أن كلام الزمخشري في هذه الآية أصوب من كلام ابن عطية الذي أطنب في تخطئه قراءة {المقيمين} مع أنها نالت إجماع القراء السبعة. (٦)

[عاشرا: موقفه من الفقه والأصول]

إن المتتبع لتفسير ابن عرفة يلاحظ اهتمامه بالفقه وأصوله: فهو يتوقف عند آيات الأحكام ويستخرج منها الأدلة الأصولية، ويعنى بالتفريعات الفقهية مما يدل على سعة علم الرجل، ودقة فهمه، وهو يقوم بهذا العمل حتى مع الآيات التي ظاهرها لايتناول الفقه فيستنتج منها حقائق أصولية واجتهادات فقهية، وقد أشار إلى هذا الشيخ ابن عاشور بقوله: وهو شديد الاهتمام بأن ينتزع من الآيات ماهو من سياقها أو ليس منه بما يرجع إلى الأحكام التكليفية من مسائل الأصول ومسائل الفقه، وإيراد مايتعلق بذلك من الأنظار ومناقشتها. (٧)

وهو في تناوله لمسائل الفقه في تفسيره لايعرض رأيًا إلا وينسبه لقائله، ولا يتعرض إلى المسائل الخلافية إلا في القليل النادر، لأن المقام لايستدعي الإطالة، إذ هو يلقي دروسه على طلبته في علم التفسير وهو ليسوا في حاجة


(١) النمل: ٢٢.
(٢) سبأ: ١٤.
(٣) فاطر: ٤٣.
(٤) تفسير ابن عرفة ١/ ٧٨٥.
(٥) النساء: ١٦٢.
(٦) ق: ١١٢.
(٧) التفسير ورجاله ص: ١١٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>