للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى الخلافيات والمقارنات الفقهية، التي يتناولونها في دروس الفقه.

في قوله تعالى {ثلاثة قروء} (١): يذهب إلى رأي يجمع فيه بين رأي مالك والشافعي لأن الأول يفسر القرء بالطهر، والشافعي يفسره بالحيض فيرى ابن عرفة أن القرء مشترك بين الطهر والحيض، غير أن الطلبة وهم يناقشون شيخهم في هذه المسالة قالوا له: كنت قلت لنا أن هذا ليس من ذلك لأن الجمع من قرية الماء في الحوض غير مهموز، والقرء مهموز، وقلت لنا الصحيح أنه للقدر المشترك، وهو براءة الرحم، فرد ابن عرفة على الطلبة: أن ظاهر الآية يدل على أن القرء هو الحيض، يعني معنى التربص هو الانتظار، وهذا الانتظار يستلزم قروء مستقبلة، إذ الشارع قد أمر بطلاق لم تمس فيه المرأة، فإذا اعتبرنا القرء حيضًا صح الانتظار وإذا اعتبرناه طهرًا لم يستقم إسناد الانتظار. (٢)

ومن أمثلة ذلك رده لاجتهاد الإمام المازري في تجويزه إعطاء الرشوة للحصول على القضاء عند تفسيره لقوله تعالى {ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام} (٣)، قيل لابن عرفة أن المازري حكى في تعليقه عن الشعبي أن الفقيه إذا علم وتأكد لديه أن ليس هناك من هو أفضل منه في بلده، فلا بأس أن يسعى للحصول على ولاية القضاء، ولو أدى به الأمر إلى إعطاء الأجرة والرشوة لولاة الأمر فأنكر ابن عرفة هذا الرأي، وقال: إنه من باب أكل المال بالباطل والمشارفة فيه على الخطأ، وأشار إلى أن ماأدرك عليه القضاة أن بعضهم كان يتسبب في الحصول على المنصب القضائي بالكلام فقط. (٤)

وتفسير ابن عرفة كما ذكرنا متميز بأنه تفسير أصولي ويظهر ذلك في مواضع كثيرة إذ يستفيض في هذا المجال لأدنى مناسبة ومن ذلك عندما رد تفسير ابن عطية لقوله تعالى {لم تلبسون الحق بالباطل} (٥) حيث اعتمد رأي ابن جريج في أن المعنى يلبسون التوراة والإنجيل بالقرآن. فصرح ابن عرفة بأنه خطأ واضح لأن القرآن حق، وأما الذي دخلت عليه الباء في


(١) البقرة: ٢٢٨.
(٢) ق: ٥٤.
(٣) البقرة: ١٨٨.
(٤) ق: ٤٤.
(٥) آل عمران: ٧١.

<<  <  ج: ص:  >  >>