للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه السلام وقد قال الله تعالى فيهم {ولا تتبعوا أهواء قوم قد ضلوا من قبل وأضلوا كثيرا وضلوا عن سواء السبيل} (١) (٢)

[رابعا: موقفه من تفسير القرآن بالسنة]

ذكرنا فيما سبق منهجه في ذلك في كلامه الذي ختمه بقوله:

وبالجملة فكتابي هذا محشو بنفائس الحكم وجواهر السنن الصحيحة والحسان المأثورة عن سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم -. (٣)

وهو يقول أيضا: "وليس لأحد مع الحديث إذا صح نظر". (٤)

ويمكن القول بأن منهج الثعالبي في تفسيره يقوم على تحقيق النصوص ونقدها حيث يقول: " وقد تحرينا في هذا المختصر التحقيق فيما علقناه جهد الاستطاعة ".

كما اعتنى فيه اعتناء عظيما بالسنة النبوية باعتبارها بيانا للقرآن وأساسا هاما لمنهج التفسير بالمأثور الذي اختاره لنفسه فالتزم تخريج الأحاديث التي يوردها أو يوردها غيره من المفسرين فينقد سندها أحيانا ومتنها أحيانا أخرى مثال نقده للمتن نقده للحديث الذي ذكره تحت قوله تعالى {ولقد علمنا المستقدمين منكم ولقد علمنا المستأخرين} (٥) وأخرجه الترمذي عن ابن عباس - رضي الله عنه - في شأن المرأة التي كانت تصلي خلف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال الثعالبي فيه: "والحديث المتقدم إن صح فلا بد من تأويل فإن الصحابة ينزهون عن فعل ما ذكر فيؤول بأن ذلك صدر من بعض المنافقين أو بعض الأعراب الذين قرب عهدهم بالإسلام ولم يرسخ الإيمان في قلوبهم، وأما ابن عباس فإنه كان يومئذ صغيرًا بلا شك، هذا إذا كانت الآية مدنيه، فإن كانت مكية فهو يومئذ في سن الطفولية وبالجملة فالظاهر ضعف هذا الحديث من وجوه" (٦).


(١) المائدة: ٧٧.
(٢) الجواهر ١/ ٤٠.
(٣) الجواهر١/ ٤.
(٤) الجواهر ٤/ ١٧ وانظر أيضا ٤/ ٣٨٣.
(٥) الحجر: ٢٤.
(٦) الجواهر ٢/ ٢٩٣ وهذا الحديث أخرجه أحمد في مسنده رقم ٢٧٨٤ وصححه محققه أحمد شاكر وأخرجه أيضا الترمذي - كتاب التفسير - باب ومن سورة الحجر ٥/ ٢٩٦ والحاكم ٢/ ٣٥٣ وابن حبان (موارد الظمآن ١٧٤٩) وصححه ابن حبان والحاكم وصححه أيضا الألباني (صحيح ابن ماجه ٨٥٨) وعلقه الترمذي مرسلا وقال: وهذا أشبه أن يكون أصح ووصفه ابن كثير بأنه غريب جدا وقال: فيه نكارة شديدة وقال: فالظاهر أنه من كلام أبي الجوزاء ليس فيه لابن عباس ذكر (التفسير ٤/ ٤٥٠) وروى ابن جرير ١٤/ ٢٦ عن محمد بن كعب القرظي إنكار انها في صفوف الصلاة وبين أن المراد بالمستقدمين من مات وقتل والمستأخرين من لم يخلق بعد وهو التفسير المروي نحوه عن ابن عباس نفسه وعن جمهور السلف ومنهم تلاميذ ابن عباس كمجاهد وعكرمة وغيرهما وهو اختيار ابن جرير .. والذي يؤكد عدم صحة هذا التفسير أن سورة الحجر مكية وشهود النساء الصلاة في جماعة إنما كان في المدينة، ثم السياق لايساعد هذا التفسير فهو يتكلم عن الإحياء والإماتة ثم الحشر فلادخل هنا لصلاة جماعة ولانساء. ثم إن عمرو بن مالك النكري الراوي للحديث عن أبي الجوزاء له أوهام وأبو الجوزاء: قال البخاري: في إسناده نظر ويختلفون فيه أ. هـ وبإسناد عمرو بن مالك عن أبي الجوزاء عن ابن عباس غرائب أخرى والله أعلم. وانظر مرويات الإمام أحمد في التفسير ٣/ ٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>