للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تنوع القراءات ومن ذلك أن يريد الله أكثر من معنى للآية فيضمن معنيين مثلا في قراءتين، أو تكون إحدى القراءتين مفسرة وموضحة لإجمال في القراءة الأخرى، وتعلق هذا بالتفسير وطيد بالإضافة لما فيه من المبالغة في إعجاز القرآن بإيجازه إذ تنوع القراءات بمنزلة الآيات ولو جعلت دلالة كل لفظ آية على حدة لم يخف مافيه من التطويل. (١)

وقد مرت القراءات في المنطقة بمراحل:

المرحلة الأولى: وهي طور القراءة الحرة قبل أن تعرف القراءات السبع أو العشر فقد رويت في ذلك حروف عن عبد الله بن عباس وعبد الله بن الزبير وعبد الله بن عمر ابن الخطاب وعبد الله بن عمرو بن العاص وعقبة بن عامر وعبد الرحمن بن الأسود وغيرهم من الصحابة الذين دخلوا المنطقة بل كان لبعضهم مصاحف خاصة، وكذا عن بعض التابعين أمثال عكرمة وحنش الصنعاني وعلي بن رباح اللخمي وغيرهم وقد كان لبعضهم أيضا مصاحف خاصة. (٢)

وفي تلك المرحلة لا يظهر أثر واضح للقراءات في التفسير إلا في آحاد الآثار المروية عن هؤلاء الصحابة والتابعين حيث لا يعرف تفسير متكامل لأحد منهم.

ويدخل في ذلك قول السيوطي: من المهم معرفة التفاسير الواردة عن الصحابة بحسب قراءة مخصوصة، وذلك أنه قد يرد عنهم تفسيران في الآية الواحدة مختلفان، فيظن اختلافا وليس باختلاف، وإنما كل تفسير على قراءة. وقد تعرض السلف لذلك فأخرج ابن جرير في قوله تعالى {لقالوا إنما سكرت أبصارنا} (٣) من طرق عن ابن عباس وغيره أن سكرت بمعنى سدت، ومن طرق أنها بمعنى أخذت. ثم أخرج عن قتادة قال: من قرأ سكرت مشددة فإنما يعني سدت، ومن قرأ سكرت مخففة فإنه يعني سحرت. وهذا الجمع من قتادة نفيس بديع. (٤)

المرحلة الثانية: طور الاختيار وقد تخلى فيه أهل المنطقة عن القراءات


(١) انظر النشر ١/ ٥٠ - ٥٢، الإتقان ١/ ١٠٨.
(٢) انظر القراءات بإفريقية ٩٧ - ١٢١.
(٣) الحجر: ١٥.
(٤) الإتقان ٢/ ٢٣٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>