للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٤ - حوانيت العلماء: ومنهم المفسر ربيع القطان الذي حول حلقته إلى حانوته في عهد بني عبيد، قال عياض: وكان جعل على نفسه ألا يشبع من طعام ولا نوم حتى يقطع الله دولة بني عبيد، وكان مع ذلك ملتزمًا في حانوته يبيع فيه القطن، وفيه يأتيه من يطلب منه ويسأله. (١)

[تطور التفسير في المنطقة بعد خراب القيروان]

بعد انتهاء عصر العبيديين وحلول ما حل بالقيروان ظهرت دولة المرابطين ثم الموحدين وفي تلك الحقبة ازدهرت العلوم الإسلامية حيث إن هاتين الدولتين قامتا أساسا على الدين وظهر من علماء التفسير المبرزين أبو الحسن علي بن محمد الغرناطي نزيل مراكش ت ٥٧٧ هـ الذي كان يجتمع إليه الناس فيفسر لهم القرآن من أوله إلى آخره كما ظهر محمد بن علي ابن الجوزي السبتي صاحب التفسير ت ٤٨٣ هـ، وعبد الجليل بن موسى الأنصاري الأوسي ت ٦٠٨ هـ، وغيرهم.

وبعد ذلك العصر (٢) انقسمت المنطقة إلى ثلاث دول كما قدمنا ومر عليها حكومات متعددة سبق الحديث عنها بالتفصيل في التمهيد ونذكر هنا على وجه الاختصار بعض سمات تطور التفسير أثناء تلك العهود:

ففي العهد الحفصي ظهر على الساحة ابن عرفة المفسر الفقيه ت ٨٠٣ هـ الذي اعتبر آخر المجددين وبعده أعلن علماء المغرب غلق باب الاجتهاد فتحجر العلم وأجدبت أرضه وانطوى العلماء.

وقد ظهر من التفاسير في العصر الحفصي غير تفسير ابن عرفة، تفسير عبد العزيز ابن إبراهيم ابن بزيزة التونسي ت ٦٧٤ هـ الذي جمع فيه بين تفسيري ابن عطية والزمخشري، وإعراب القرآن لأبي إسحاق برهان الدين إبراهيم بن محمد الصفاقسي ت ٧٥٢ هـ، وكانت تدرس في ذلك العصر مشاهير التفاسير


(١) المدارك ٥/ ٣١٣.
(٢) لقد وصل تأثير زوال دولة المرابطين على التفسير في موريتانيا إلى معاداة أهل شنقيط لمن يفسر القرآن وإذا سمعوا آية تتلى لتفسيرها نفروا عنه نفرة الحمر الوحشية. كذا ذكر محمد بن محمد بن علي اللمتوني في الرسالة التي أرسلها للسيوطي في شوال ٨٩٨ هـ. انظر: الحاوي للفتاوي ١/ ٢٨٧ والسلفية وأعلامها ٢٢٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>