للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويقول أيضا:

وعلى هذا التفسير يجىء قول الفقهاء إن شهادة أهل المعرفة بإثبات العيوب أو بالسلامة لا تشترط فيها العدالة، وكنت أعلل ذلك في دروس الفقه بأن المقصود من العدالة تحقق الوازع عن شهادة الزور، وقد قام الوازع العلمي في شهادة أهل المعرفة مقام الوازع الديني لأن العارف حريص ما استطاع أن يؤثر عنه الغلط والخطأ وكفى بذلك وازعا عن تعمده وكفى بعلمه مظنة لإصابة الصواب فحصل المقصود من الشهادة. (١)

ود أطال في حديثه عن بعض القضايا العقلية الأصولية وهي قضية التكليف بالمحال عند قوله تعالى {سواء عليهم ءأنذرتهم} (٢)

وهو يتذرع كثيرا بالمجاز ومن ذلك ماذكره تحت قوله تعالى {ختم الله على قلوبهم} (٣)

[حادي عشر: موقفه من العلوم الحديثة والرياضة والفلسفة والمعجزات الكونية]

وقد اهتم بذلك ابن عاشور على الرغم من استنكاره على المفسرين الحشو والنقل غير الدقيق فحشا بها تفسيره ومن ذلك قوله:

قال ابن عرفة عند قوله تعالى: {تولج الليل في النهار} (٤) كان بعضهم يقول: إن القرآن يشتمل على ألفاظ يفهمها العوام وألفاظ يفهمها الخواص وعلى ما يفهمه الفريقان ومنه هذه الآية فإن الإيلاج يشمل الأيام التي لا يدركها إلا الخواص والفصول التي يدركها سائر العوام. أقول: وكذلك قوله تعالى: {أن السموات والأرض كانتا رتقًا ففتقناهما} (٥)

والدليل على إصراره على هذا الفهم المعكوس قوله:

وفي ذلك آية لخاصة العقلاء إذ يعلمون أسباب اختلاف الليل والنهار على الأرض وإنه من آثار دوران الأرض حول الشمس في كل يوم ولهذا جعلت الآية في اختلافهما وذلك يقتضي أن كلا منهما ... الخ (٦)

ويبدو أن جهلة القرن التاسع عشر عند ابن عاشور هم الخواص الذين


(١) ٢/ ١ / ٣٤٠.
(٢) البقرة: ٦، انظر: ١/ ١ / ٢٥٢، ٢٥٣.
(٣) البقرة: ٧، ١/ ١ / ٢٥٤، ٢٥٥.
(٤) آل عمران: ٢٧.
(٥) الأنبياء: ٣٠، ١/ ١٢٧.
(٦) ٢/ ١ / ٧٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>