للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والترمذي عن أبي أمامه كلاهما يقول سمعت النبيء قال: "إن الله أعطى كل ذى حق حقه، ألا لا وصية لوارث" (١). وذلك في حجة الوداع، فخص بذلك عموم الوالدين وهذا التخصيص نسخ، لأنه وقع بعد العمل بالعام وهو وإن كان خبر آحاد فقد اعتبر من قبيل المتواتر، لأنه سمعه الكافة وتلقاه علماء الأمة بالقبول. (٢)

وفي معرض استبعاده لتشريع كيفية الصيام السابقة لصيام رمضان الثابتة في الأحاديث الصحيحة قال:

فأما أن يكون ذلك قد شرع ثم نسخ فلا أحسبه، إذ ليس من شأن الدين الذي شرع الصوم أول مرة يوما في السنة ثم درجه فشرع الصوم شهرًا على التخيير بينه وبين الطعام تخفيفًا على المسلمين؛ أن يفرضه بعد ذلك ليلاً ونهارًا فلا يبيح الفطر إلا ساعات قليلة من الليل. (٣)

والرد عليه في هذا الكلام يطول ويكفي في ذلك ثبوت الرواية ولم ينتبه لمدلول كلمة {تختانون} (٤) وكلمة {فتاب عليكم} (٥) وكلمة {وعفا عنكم} (٦) حيث أضرب عن تفسيرها تمامًا، كما حاول تأويل كلمة {فالآن} (٧) لأنها ليست متوافقة مع ماذهب إليه.

ومن مواضع تعرضه للأصول قوله:

{وكذلك جعلناكم أمة وسطا} (٨) وأما كون الآية دليلاً على حجية إجماع المجتهدين عن نظر واجتهاد فلا يؤخذ من الآية إلا بأن يقال: إن الآية يستأنس بها لذلك فإنها لما أخبرت أن الله تعالى جعل هذه الأمة وسطًا وعلمنا أن الوسط هو الخيار العدل الخارج من بين طرفيه إفراط وتفريط علمنا أن الله تعالى أكمل عقول هذه الأمة بما تنشأ عليه العقول من الاعتقاد بالعقائد الصحيحة ومجانبة الأوهام السخيفة التي ساخت فيها عقول الأمة. (٩)


(١) انظر سنن الترمذي - كتاب الوصايا - باب ماجاء " لا وصية لوارث" رقم ٢١٢١ وقال في حديث عمرو: حسن صحيح.
(٢) ٢/ ١ / ١٥٠، ١٥١.
(٣) ٢/ ١ / ١٨٢، ١٨٣.
(٤) البقرة: ١٨٧.
(٥) البقرة: ١٨٧.
(٦) البقرة: ١٨٧.
(٧) البقرة: ١٨٧.
(٨) البقرة: ١٤٣.
(٩) ٢/ ١ / ١٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>