للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإسلام وأرض العرب أهل لغة القرآن، وجميع المفسرين إنما نقلوا علومهم عنهم ومن خرج عن تلك الدائرة تأكد زيغه وضلاله لأنه لن يحكم في تفسير كتاب الله غير هواه والله المستعان.

وفي الجانب المقابل نلاحظ مبالغة واضحة من الفاضل ابن عاشور حيث إن اتفاق الطبري مع ابن سلام في اعتماد الرواية في التفسير لا يعني أن المتأخر منهما مدين بهذا المنهج للمتقدم، كيف وقد كان هذا هو المنهج السائد في تلك الفترة على جميع التصانيف سواء التفاسير أم كتب العقيدة أم الأجزاء الفقهية، بل إن تفسير الطبري متفرد عن تفسير ابن سلام بأمور عدة تثبت تفرده بمنهجه وأهمها تدخله بالترجيح والنقد في الروايات التفسيرية والقراءات، وكذا اهتمامه الكبير باللغويات والاستشهاد بالشعر وغير ذلك.

ثم يظهر لنا في الاتجاه الأثري للتفسير الإمام الجهبذ بقي بن مخلد القرطبي بتفسيره منقطع النظير فهو وإن لم يكن من أهل المنطقة إلا أنه من الداخلين إليها وقد بث علمه فيها في تلك الفترة المبكرة، كما رحل إليه واستفيد من علمه، والتداخل بين أهل المنطقة والأندلس واضح ومعلوم وسيأتي الحديث عنه باستقلالية في المباحث التالية.

وتطور التفسير بالمأثور في المنطقة على أيدي المهدوي ومكي بن أبي طالب إذ تخلصا من الأسانيد المطولة مع الالتزام بنقل الصحيح من الأخبار، وإلى هذا التطور الذي لحق ذلك الاتجاه، أشار حاجي خليفة بقوله: ... .ثم انتصبت طبقة إلى تصنيف تفاسير مشحونة بالفوائد محذوفة الأسانيد مثل أبي إسحاق الزجاج، وأبي علي الفارسي .. ومثل مكي بن أبي طالب وأبي العباس المهدوي (١).

كما ظهر أخيرا عبد الرحمن بن مخلوف الثعالبي بتفسيره الجواهر الحسان والذي هو في الحقيقة اختصار لتفسير ابن عطية المحرر الوجيز، وقد اعتبره البعض (٢) من التفاسير بالمأثور لاهتمامه بهذا الجانب واحتوائه على كم كبير من الأحاديث والآثار، إلا أنني صنفته في قسم التفسير بالرأي المحمود لأنه ألصق بذلك كما يأتي بيانه في دراسته.


(١) كشف الظنون ١/ ٤٣١.
(٢) منهم الشيخ الذهبي في التفسير والمفسرون ١/ ٢٤٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>