للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بأبي عبد الله محمد بن هارون، ومحمد بن حسن الزبيدي، وأبي عبد الله الأيلي ونظرائهم، وتفرد بشيخوخة العلم والفتوى في المذهب.

أخذ عنه المشذالي والوانوغي والزنديوي وابن حجر وأبو حامد بن ظهيرة وأبو الطيب بن علوان والأبي والبسيلي والسلاوي وابن الخطيب القسنطيني والشمس بن عمار وغيرهم.

تولى إمامة جامع الزيتونة ثم ترقى إلى خطة الإفتاء.

قال الداوودي: له التصانيف العزيزة، والفضائل العديدة، وانتشر علمه شرقاً وغرباً، فإليه الرحلة في الفتوى والاشتغال بالعلم والرواية، حافظاً للمذهب ضابطاً لقواعده، إماما في علوم القرآن، مجيداً في التفسير، والعربية، والأصلين، والفرائض والحساب، وعلم المنطق، والمعاني والبيان، وغير ذلك.

اجتمع على محبته الخاصة والعامة، كان ذا دين متين، وعقل رصين، وحسن إخاء، وبشاشة وجه للطلاب، صائم الدهر، لا يفتر عن ذكر الله وتلاوة القرآن إلا في أوقات الاشتغال، منقبضاً عن مداخلة السلاطين، لايرى إلا في الجامع أو في حلقة التدريس، لا يغشى سوقاً ولا مجتمعاً، ولا مجلس حاكم إلا أن يستدعيه السلطان في الأمور الدينية، كهفاً للواردين عليه من أقطار البلاد، يبالغ في برهم والإحسان إليهم وقضاء حوائجهم.

وقد خوله الله تعالى من رياسة الدين والدنيا ما لم يجتمع لغيره في بلده، له أوقاف جزيلة في وجوه البر وفكاك الأسرى، رأساً في العبادة والزهد والورع، ومناقبه عديدة وفضائله كثيرة. (١)

قال ابن فرحون: حج في سنة اثنتين وتسعين وسبعمائة فتلقاه العلماء وأرباب المناصب بالإكرام التام، واجتمع بسلطان مصر الملك الظاهر فأكرمه، وأوصى أمير الركب بخدمته، ولما زار المدينة النبوية نزل عندي في البيت، وكان يسرد الصوم في سفره. (٢)

قال تلميذه أبو حامد بن ظهيرة في معجمه: ولم يكن بالمغرب من يجري مجراه في التحقيق، ولا من اجتمع له من العلوم ما اجتمع له، تأتي إليه الفتوى


(١) طبقات المفسرين ٢/ ٢٣٦ وهو منقول من الديباج.
(٢) الديباج ٣٤٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>