ولد بالقيروان عند طلوع شمس يوم الثالث والعشرين من شعبان سنة خمس وخمسين وثلاثمائة. وقيل أربع وثلاثين.
حفظ القرآن ببلده وسافر مع والده إلى مصر، وعمره ثلاثة عشر عاما، وقرأ على مؤدبيها حتى أحسن فن القراءة وعلم الحساب. ثم رجع إلى بلده.
أخذ بالقيروان عن أبي محمد بن أبي زيد، وأبي الحسن القابسي وحج ولقي بالمشرق جلة من الشيوخ وأخذ عنهم، منهم: أبو القاسم المالكي، وابن فارس، وإبراهيم المروزي، وأبو العباس وجماعة
وسمع بمكة ومصر من أبي الطيب عبد المنعم بن غلبون، وقرأ عليه القرآن.
وروى عنه جلة كابن عتاب، وحامد بن محمد، وأبو الأصبغ بن سهل، وأبو الوليد الباجي، وغيرهم.
وقد تنقل بين مصر والقيروان عدة سفرات وحج أربع مرات متواليات سوى الفريضة، عاد بعدها إلى القيروان ومنها قصد الأندلس ونزل أول قدومه قرطبة في مسجد النخيلة في الزقاقين عند باب العطارين. ثم جلس للإقراء بمسجد قرطبة الجامع فانتفع به خلق، وتخرج على يديه جماعات، ورحل الناس إليه من كل صقع من أصقاع الأندلس، وقد عظم اسمه وظهر علمه في البلاد وجل فيها قدره، فنقله الحاجب المظفر عبد الملك بن أبي عامر إلى جامع المدينة "الزاهرة" التي أحدثها حذو قرطبة فأقرأ فيه حتى انصرمت دولة آل عامر، فنقله حينئذ الأمير محمد بن هشام المهدي إلى المسجد الجامع