للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المري وأسلم بن عبدالعزيز وهشام بن الوليد الغافقي ومحمد بن القاسم بن محمد ومحمد بن عمر ابن لبابة ومحمد بن وزير وآخرون وكان آخر أصحابه المحدثين عبدالله بن يونس والحسن بن سعد بن إدريس بن رزين الكتامي وعلي بن عبد القادر بن أبي شيبة الأندلسي وعبد الله بن يونس المرادي وكان مختصا به مكثرا عنه وعنه انتشرت كتبه الكبار ولعله آخر من حدث عنه من أصحابه.

أنكر عليه أصحابه الأندلسيون، عبد الله بن مخلد ومحمد بن الحارث، وأبو زيد ما أدخله من كتب الاختلاف وغرائب الحديث وأغروا به السلطان وأخافوه به ثم إن الله بمنه وفضله أظهره عليهم وعصمه منهم فنشر حديثه وقرأ للناس روايته فمن يومئذ انتشر الحديث بالأندلس ثم تلاه ابن وضاح فصارت الأندلس دار حديث وإسناد وإنما كان الغالب عليها قبل ذلك حفظ رأي مالك وأصحابه.

وكان بقي إماما قليل المثل بحرا في العلم مجتهدا لا يقلد أحدا بل يفتي بالأثر وهو الذي نشر الحديث بالأندلس وكثره، وكان صواما ورعا، فاضلاً زاهداً، كثير النذر مجاب الدعوة وقد ظهرت له إجابات في غير ما شيء.

كان متواضعا ضيق العيش كان يمضي عليه الأيام في وقت طلبه ليس له عيش إلا ورق الكرنب الذي يرمى.

وكان صواما قواما صادقا كثير التهجد لا يقلد أحدا بل يفتي بالأثر وهو الذي نشر الحديث بالأندلس. (١)

كان يختم القرآن كل ليلة في ثلاث عشرة ركعة، وكان يصلي بالنهار مائة ركعة ويصوم الدهر وكان كثير الجهاد فاضلا يذكر أنه رابط اثنتين وسبعين غزوة. (٢)

وكان ورعا ذا دعوة مستجابة؛ جاءته امرأة فقالت: إن ابني قد أسره الروم ولاأقدر على مال أكثر من دويرة ولا أقدر على بيعها فلو أشرت إلى من يفديه بشيء فإنه ليس لي ليل ولا نهار ولانوم ولاقرار فقال: نعم انصرفي حتى أنظر في أمره إن شاء الله فأطرق وحرك شفتيه فلبث مدة وجاءت المرأة ومعها ابنها فأخذت تدعو له وتقول قد رجع سالما وله حديث يحدثك به فقال الشاب كنت في يدي بعض ملوك الروم مع جماعة من الأسارى وكان له إنسان يستخدمنا كل يوم يخرجنا إلى الصحراء للخدمة ثم يردنا وعلينا


(١) طبقات الأدنوي ص: ٣٦.
(٢) انظر نفح الطيب ٣/ ٣٧٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>