للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قاضي قضاة الأندلس في عصره. كان فقيهاً خطيباً شاعراً فصيحاً.

من أهل قرطبة ولد سنة ثلاث وسبعين ومائتين وقيل غير ذلك.

سمع بالأندلس من عبيد الله بن يحيى وغيره

رحل حاجا سنة ثمان وثلاثمائة فأقام في رحلته أربعين شهرا فأخذ بمكة من ابن المنذر وغيره، روى بمصر وسمع من ابن النحاس وكان مذهبه في الفقه مذهب النظار والاحتجاج وترك التقليد وكان عالما باختلاف العلماء وكان يميل إلى رأي داود بن علي بن خلف العباسي ويحتج له ويأخذ به لنفسه فإذا جلس مجلس الحكومة قضى بمذهب مالك الذي عليه العمل في بلده. (١)

ولي قضاء مدينة ماردة وما والاها من مدن الجوف ثم ولي قضاء الثغور الشرقية ثم قدم إلى قضاء الجماعة بقرطبة وولي الصلاة بمدينة الزهراء فلم يزل قاضيا إلى أن توفي ولم تحفظ له قضية جور ولا جربت عليه في أحكامه زلة.

قال ابن الفرضي: كان بصيراً بالجدل، منحرفاً إلى مذهب أهل الكلام، لهجاً بالاحتجاج ... وله كتب مشهورة كثيرة مؤلفة في القرآن، والفقه، والرد أخذها الناس عنه وقرأوها عليه وكان خطيباً بليغاً شاعراً.

له اليوم المشهور الذي ملأ فيه الآذان وبهر العقول أمام رسول الروم، وله أخبار في الاستسقاء عجيبة. (٢)

ومن مواقفه القرآنية أن أمير المؤمنين الناصر عمل في بعض سطوح الزهراء قبة بالذهب والفضة، وجلس فيها ودخل الأعيان فجاء منذر بن سعيد فقال له الخليفة كما قال لمن قبله: هل رأيت أو سمعت أن أحدًا من الخلفاء قبلي فعل مثل هذا؟ فأقبلت دموع القاضي تتحدر، ثم قال: والله ما ظننت


(١) انظر معجم المفسرين.
(٢) انظر تفصيل ذلك في سير أعلام النبلاء ١٦/ ١٧٤ - ١٧٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>