للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقرأها إسماعيل عليهم في النواحي فغلب الإسلام على المغرب (١).

وقد استقر هؤلاء التابعون بالقيروان حتى عدوا من أهلها، فقد اعتبرهم المالكي الطبقة الأولى من علماء القيروان (٢)، ومنهم من زادت إقامته بها على ثلاثين عاما (٣)، وهم في كل ذلك لايفترون عن القيام بمهمة نشر العلم بإفريقية فكان المغاربة لذلك في صدر الإسلام على مذهب جمهور السلف من الأئمة واعتقادهم وهو المذهب الحق (٤)، ولكن توقف هذا المد العلمي مع وفاة عمر بن عبد العزيز سنة ١٠١ هـ حيث سارع يزيد بن عبدالملك بعزل إسماعيل بن أبي المهاجر وتولية يزيد بن أبي مسلم كاتب الحجاج وصاحب شرطته (٥)، وكان ظلوما غشوما أساء السيرة في البربر، ووضع الجزية على من أسلم من أهل الذمة متبعا سيرة الحجاج في أهل العراق، وكان حرسه أكثرهم منهم فوسم كل امرىء منهم على يده (حرسي) كما تفعل ملوك النصارى فأنكروا ذلك وملوا سيرته فدب بعضهم إلى بعض وتضافروا على قتله وقالوا جعلنا بمنزلة النصارى فخرج ذات عشية لصلاة المغرب فقتلوه في مصلاه (٦).

وتولى بعده بشر بن صفوان الكلبي ثم عبيدة بن عبدالرحمن السلمي فكان همهما الغزو ولم يؤثر عنهما اهتمامهما بالعلم إلا أن الثاني ظلم البربر وتعسف في معاملتهم فحنقوا عليه.

ثم قدمها عبيد الله بن الحبحاب سنة ١١٦ هـ فأغزى عبدالرحمن بن حبيب ابن أبي عبيدة بن عقبة بن نافع الفهرى السوس وأرض السودان فظفر ظفرا لم ير أحد مثله قط وأصاب جاريتين من النساء من هناك ليس للمرأة منهن إلا ثدى واحد وهم يسمون تراجان (٧).


(١) فتوح البلدان ص: ٢٣٣.
(٢) الرياض ١/ ٩٩.
(٣) مثل بكر بن سوادة الجذامي توفي بها سنة ١٢٨ هـ جذوة المقتبس ١٩٦.
(٤) الاستقصا ١/ ١٣٦.
(٥) لما تولى عمربن عبدالعزيز الخلافة سمع أن يزيد خرج في بعض جيوش المسلمين فأمر برده وقال: لأني لأكره أن أستنصر بجيش هو منهم الاستقصاء١/ ١٠٢.
(٦) انظر فتوح البلدان ص: ٢٣٣، البيان المغرب ١/ ٤٨، وانظر عن سوء سيرته تاريخ ابن خلدون ٤/ ١٨٧، النجوم الزاهرة ١/ ٢٤٥، الاستقصا ١/ ١٠٢، ١٠٣، إتحاف أهل الزمان ١/ ٨٨.
(٧) فتوح البلدان ص: ٢٣٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>