للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا الخبر مؤكدًا على تنزيه الله تعالى عن المكان. قال: وهذا كله إنما يحمل على مايجوز أن يوصف به الباري سبحانه مما قدمناه في أول الكتاب، لا على وجه التحيز وشغل الأمكنة وغير ذلك مما يوصف به المخلوقون، تعالى الله عن ذلك علوًا كبيرا.

واهتم المهدوي بمسألة الشفاعة وحللها، وذكر مفهومها اللغوي وقرر مذهب أهل السنة والجماعة فيها وذلك عند تفسير قوله تعالى {واتقوا يومًا لاتجزي نفس عن نفس شيئا ولايقبل منها عدل ولا تنفعها شفاعة} (١).

قال المهدوي: سميت الشفاعة شفاعة لأن طالبها جاء بآخر معه يشفع، والشفع هو: الزوج، وهذا عام في اللفظ خاص في المعنى خوطب به اليهود لأنهم زعموا أن آباءهم يشفعون لهم، ويبين ذلك قوله تعالى في موضع آخر {ولا يشفعون إلا لمن ارتضى} (٢) ثم أنهى المهدوي مبحث الشفاعة برأي بعض المعتزلة الذي أنكر الشفاعة إنكارًا كليا، وبين أن في هذا ردا للكتاب والسنة.

كما ذكر مذهب أهل السنة والجماعة في قضية مرتكب الكبيرة عند تفسير قوله تعالى {إن تجتنبوا كبائر ماتنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم} (٣)

فقال: أعلم الله تعالى أنه يكفر الصغائر باجتناب الكبائر وروى ابن مسعود عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال في الكبائر: أن تدعو لله ندًا وقد خلقك، وأن تقتل ولدك من أجل أن يأكل معك، وأن تزني بحليلة جارك، وتلا {والذين لايدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون} (٤) (٥)

وذكر آثارا عن ابن عباس وابن عمر ثم ذكر حكم مرتكب الكبيرة عند أهل السنة فأوضح أنها تغفر لمن أقلع عنها وتاب قبل الموت، وأضاف أنها قد تغفر لمن مات عليها من المسلمين مستشهدًا بقوله تعالى {إن الله لايغفر أن يشرك به ويغفر مادون ذلك لمن يشاء} (٦).

ويقصد بذلك من مات على الذنوب، فانتفاء الغفران مرتبط بالشرك، وأما من لم يشرك ومات على ذنوبه فهو من أهل الغفران تحت المشيئة.


(١) البقرة: ١٢٣.
(٢) الأنبياء: ٢٨.
(٣) النساء: ٣١.
(٤) الفرقان: ٦٨.
(٥) أخرجه البخاري - كتاب التفسير - باب {والذين لايدعون مع الله إلها آخر} رقم ٤٧٦١، ومسلم - كتاب الإيمان - باب كون الشرك أقبح الذنوب رقم٨٦.
(٦) النساء: ٤٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>