للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونصفه، أو الإشارة إلى المستقبل المقدر في الذهن تحقيقًا لوقوعه، وتنزيلاً له، منزلة الواقع حقيقة وهي الآية، التفاتا بالانتقال من الغيبة إلى التكلم. (١)

كما بين حسن التركيب في قوله تعالى {ويعلم مافي السموات وما في الأرض والله على كل شيء قدير} (٢)، قال: انظر حسن تركيب هذه الآية .. فإن الوعيد والتخويف إنما يكون لمجموع صفتي العلم والقدرة، فالقادر إذا لم يعلم بمخالفة عبده له، لايعاقبه، وكذلك إن علم ولم يقدر على العقوبة. (٣)

كما تكلم عن اللف والنشر وبين أنه قسمان: أحدهما موافق وهذا مثل قوله تعالى {فمنهم شقي وسعيد فأما الذين شقوا ففي النار} (٤)، والثاني مخالف كقوله سبحانه {يوم تبيض وجوه وتسود وجوه فأما الذين اسودت وجوههم} (٥) قال: وحكمة ذلك في الجمع الاهتمام بمقام التخويف والإنذار فلذلك بدأ بأهل الشقاوة في الآيتين. (٦)

ومن الصور البديعية في القرآن تأكيد الذم بما يشبه المدح وهو ماأشار إليه ابن عرفة عند تفسير قوله تعالى {لايعلمون الكتاب إلا أماني} (٧)، قال: هو من تأكيد الذم بما يشبه المدح، كقول الشاعر:

هو الكلب إلا أن فيه ملالة ... وسوء مراعاة وما ذلك في الكلب (٨)

وأما الإعراب فحين يقع الاختلاف بين المفسرين حول الإعراب في الآية يعرض آراءهم، ثم يأخذ بالرأي الذي يتفق مع منهجه في إبراز معاني الآية، وهو في سبيل الوصول إلى هذا الغرض يعرض الآراء ويحللها ويناقشها مرجحا بعضها على بعض. مثال ذلك تفسيره لقوله تعالى {يخادعون الله والذين آمنوا} (٩)، عرض رأي الزمخشري في هذه الجملة بأنه إما تفسير لما قبلها أو استئناف.

وحلل ابن عرفة هذا الرأي بأن الفرق بينهما أنه على الأول يكونون وصفوا بأمرين: بعدم الإيمان وبالخداع، وعلى الثاني وصفوا بعدم الإيمان، فكأن قائلاً يقول: لم حكم عليهم بعدم الإيمان؟ فقيل: لأنهم يخادعون الله.


(١) ق: ٦٠.
(٢) آل عمران ٢٩.
(٣) ق: ٧٤.
(٤) هود: ١٠٥.
(٥) آل عمران: ١٠٦.
(٦) ق: ١١.
(٧) البقرة: ٧٨.
(٨) تفسير ابن عرفة ١/ ٣٤٦.
(٩) البقرة: ٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>