للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعلمون هذا فعليكم أن تأخذوها بالقبول. (١)

ويرد على ابن عطية الذي اعتبر تخصيص القرآن لفعل الرسول - صلى الله عليه وسلم - نسخًا. وتفصيل ذلك ماذكره من أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أتي بصدقة فجاءه يهودي يطلب العطاء فرد عليه الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "ليس لك من صدقة المسلمين شيء". فذهب اليهودي غير بعيد، فنزلت الآية، فدعاه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم أعطاه، قال ابن عطية: نسخ الله ذلك بقوله: {إنما الصدقات للفقراء والمساكين} (٢)، قال ابن عرفة: هذا ليس بنسخ، لكن المتقدمين يطلقون عليه نسخًا والمتأخرين يقولون العام إذا عمل به، ثم ورد بعد ذلك خاص، فهو نسخ له، وإن ورد الخاص بعده، وقبل العمل به، فهو تخصيص لانسخ. (٣)

وتعرض ابن عرفة إلى مسألة نسخ القرآن بخبر الواحد وهي مسالة خلافية، حيث إن الجمهور على جواز هذا النوع من النسخ عقلا، وأما وقوعه شرعًا ففيه خلاف بين العلماء. ذكر أبو المعالي أنه وقع في مسجد قباء، وذلك عندما كان جمع من الصحابة يصلون صلاة العصر إلى القدس فمر بهم صحابي وأعلمهم بأن القبلة حولت إلى المسجد الحرام فتحولوا. (٤)

وتعرض ابن عرفة إلى نسخ الحكم الأثقل بالأخف، فأشار إلى ماأورده ابن عطية من إمكانية هذا النسخ ومثاله نسخ قتال الواحد للعشرة، ونسخ الثبوت للعشرة بالثبوت لشخصين فقط.

ويبين ابن عرفة أن العبرة، في الثقل والخفة بالمصلحة فقد يكون متعلق هذه المصلحة أرجح من متعلق المصلحة الأخرى أو مساويًا لها ولا شك أن وقوف الواحد للعشرة ثوابه يكون أعظم من ثواب ماهو أخف منه، وأقل ثوابًا لكونه أكثر الوقوع، فيتعدد ثوابه ويكثر بتعدد وقوعه. (٥)

كماعرض إلى موضوع نسخ القرآن بالقياس، فمنع وقوعه كما منع النسخ بالإجماع وأشار إلى هذا بقوله ولا يصح نسخ النص بالقياس، لأن النص المقيس عليه إما أن يكون موافقًا لذلك النص المنسوخ أو مخالفًا، فإن كان موافقًا، فلا نسخ، وإن كان مخالفًا فهو الناسخ لا القياس، ثم قال: ولا ينسخ


(١) ق: ٥١.
(٢) التوبة: ٦٠.
(٣) ق: ٦٤.
(٤) ق: ٢٨.
(٥) ق: ٢٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>