للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي قوله {ليس عليك هداهم} (١) قال: ثم أخبر سبحانه أنه يهدي من يشاء، وفي الآية رد على القدرية، وطوائف المعتزلة، ثم بين تعالى أن النفقة المقبولة ما كان ابتغاء وجه الله، وفي الآية تأويل وهو أنها شهادة من الله تعالى للصحابة أنهم إنما ينفقون ابتغاء وجه الله سبحانه فهو خبر عنهم لهم فيه تفضيل.

وقال في قوله تعالى {واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفس ماكسبت} (٢)

ويومًا نصب على المفعول، لاعلى الظرف، وجمهور العلماء على أن هذا اليوم المحذر منه: هو يوم القيامة والحساب والتوفية، وقال قوم: هو يوم الموت، والأول أصح، وهو يوم تنفطر لذكره القلوب، وفي هذه الآية نص على أن الثواب والعقاب متعلق بكسب الإنسان، وهذا رد على الجبرية.

الجانب الصوفي في منهجه:

وإذا كان منهج الثعالبي منهجا تحقيقيا في أساسه وطابعه العام فإنه لم يخل من جانب صوفي واضح إذ كان هو نفسه صوفيا سنيا لا يذهب مذهب الحلول والغوص في مذهب وحدة الوجود (٣)، وهو ينقل في تفسيره نصوصا عن القشيري والمحاسبي من رعايته ومن مختصرها للعز بن عبد السلام ومن كتاب سنن الصالحين لأبي الوليد الباجي ومن التنوير لابن عطاء الله السكندري وعن صاحب التشوف المغربي وعن أبي القاسم عبد الرحمن بن يوسف اللجائي الصوفي وعن أبي مدين البجائي التلسماني وعن أبي الحسن الشاذلي وغيرهم. (٤)

ومفهوم الولي عنده مفهوم قرآني قال في تفسير قوله تعالى: {ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون} (٥): وأولياء الله هم المؤمنون الذين والوه بالطاعة والعبادة وهذه الآية يعطي ظاهرها أن من آمن واتقى الله فهو داخل في أولياء الله وهذا هو الذي تقتضي الشريعة في الولي. (٦)

وقد انتقد ظاهرة التصنع والرياء لدى بعض المتصوفة المرائين المتصنعين


(١) البقرة: ٢٧٢.
(٢) البقرة: ٢٨١.
(٣) انظر مايأتي في المبحث الثاني من هذا الفصل في تفاسير الصوفية المدروسة هناك.
(٤) انظر مقدمة الطالبي (١ / ع).
(٥) يونس: ٦٢.
(٦) الجواهر ٢/ ١٨٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>