للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٦ - أجبروا الناس على الدخول في دعوتهم فمن أجاب تركوه وربما ولوه بعض المناصب، ومن رفض قتل، كما فعلوا عقب أول جمعة خطبها عبيد الله بالقيروان ثم لما أكثر دعاتهم على أهل القيروان وقعت بين الفريقين مقتلة عظيمة فأمر الشيعي بالكف عن العوام (١) وطلب العلماء لتشريقهم أي إدخالهم في دعوتهم (٢) وافتعل مناظرات صورية، فدارت على علماء السنة مقتلة عظيمة، وقتل منهم عدة آلاف بسبب تمسكهم بإسلامهم ومنافحتهم عن السنة قال القابسي: إن الذين ماتوا في دار البحر (سجن العبيديين) بالمهدية من حين دخل عبيد الله إلى الآن أربعة آلاف رجل في العذاب، مابين عالم وعابد ورجل صالح (٣) هذا عدا ماكانوا يقتلون دون سجن ويمثل بهم في شوارع القيروان، فأثر ذلك على سير الحياة العلمية، وقد خمل ذكر كثير من العلماء الذين آثروا اعتزال الفتنة، مثل أبي محمد الورداني (٤)، ومع ذلك فإن هذه الشدة لم تزد أهل إفريقية إلا تمسكا بسنيتهم.

٧ - منعوا العلماء من التدريس في المساجد، ونشر العلم، والاجتماع بالطلبة، وحبسوهم في بيوتهم فكان من يأخذ عنهم ويتذاكر معهم إنما يكون سرا، وعلى حال خوف وريبة (٥)، فكان الموطأ وغيره من كتب السنة لاتقرأ إلا في البيوت (٦) وكانت السنة تعرض بالقيروان سرا (٧)، وكان أبو محمد بن أبي زيد، وأبو محمد بن التبان، وغيرهما يأتيان إلى أبي بكر بن اللباد، شيخ السنة بالقيروان، في خفية ويجعلان الكتب في أوساطهما حتى تبتل بالعرق خوفا من بني عبيد (٨)، وكان بعض العلماء يخرج إلى المقبرة فيستتر فيها ويقرأ على الطلبة


(١) انظر الكامل ٦/ ١٣٣، ١٣٥.
(٢) انظر المعالم ٣/ ٩١، المدارك ٣/ ٥٢١، طبقات الخشني ٢٢٥.
(٣) المعالم ٣/ ٣٤، وانظر الرياض ٢/ ٣٢٦.
(٤) انظر المدارك ٤/ ٤١٦.
(٥) المدارك ٥/ ١٢١، الفكر السامي ٢/ ١٤٨.
(٦) انظر طبقات الخشني ١٩٥.
(٧) انظر: تاريخ ابن الفرضي ١٥٣، ٢٠١.
(٨) انظر المعالم ٣/ ٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>