للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن حديث تحويل القبلة حيث لم يكتف بالتخريج ولا بالصناعة الحديثية بل ذكر أيضا طرفا من الأسانيد فقال عند قوله {سيقول السفهاء من الناس ماولاهم عن قبلتهم} (١):

ولذلك جزم أصحاب هذا القول بأن هذه الآية نزلت بعد نسخ استقبال بيت المقدس ورووا ذلك عن مجاهد. وروى البخاري في كتاب الصلاة (٢) من طريق عبدالله بن رجاء عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن البراء حديث تحويل القبلة ووقع فيه: فقال السفهاء - وهم اليهود -: {ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها} {قل لله المشرق والمغرب يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم}. وأخرجه في كتاب الإيمان (٣) من طريق عمرو بن خالد عن زهير عن أبي إسحاق عن البراء بغير هذه الزيادة، ولكن قال عوضها: وكانت اليهود قد أعجبهم إذ كان يصلي قبل بيت القدس، وأهل الكتاب، فلما ولى وجهه قبل البيت أنكروا ذلك. وأخرجه في كتاب التفسير (٤) من طريق أبي نعيم عن زهير بدون شيء من هاتين الزيادتين، والظاهر أن الزيادة الأولى مدرجة من إسرائيل عن أبي إسحاق، والزيادة الثانية مدرجة من عمرو بن خالد لأن مسلما والترمذي والنسائي قد رووا حديث البراء عن أبي إسحاق من غير طريق إسرائيل ولم يكن فيه إحدى الزيادتين، فاحتاجوا إلى تأويل حرف الاستقبال من قوله {سيقول السفهاء} بمعنى التحقيق لا غير، أي قد قال السفهاء: ماولاهم (٥).

وهذا التخريج المطول - بالنسبة للتفسير - لاقيمة له من حيث الصناعة الحديثية لإثبات الإدراج في الحديث، ولابد في ذلك من نص عالم متخصص من الحفاظ على ذلك الإدراج أو التتبع الكامل لجميع طرق الحديث ثم عرضها على قواعد أهل المصطلح للوصول لتلك الدعوى العريضة.

وهو أحيانا يغض طرفه عن مشهور الحديث بعبارة مقتضبة لعدم قناعته بالتفسير المترتب عليه ومن ذلك:

قوله {غير المغضوب عليهم ولا الضالين} (٦)


(١) البقرة: ١٤٢.
(٢) باب التوجه نحو القبلة ١/ ٥٠٢ وفيه: وقال السفهاء من الناس - وهم اليهود ... الخ.
(٣) باب الصلاة من الإيمان ١/ ٩٥.
(٤) باب {سيقول السفهاء ...} ٨/ ١٧١.
(٥) ٢/ ١ / ٦، ٧.
(٦) الفاتحة: ٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>