للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صفحة كاملة وهو باب ما ينصب من المصادر على إضمار الفعل غير المستعمل إظهاره. (١)

وفي جملة الحمد هل هي إنشائية أم خبرية. (٢)

وهو لاشك متمكن من اللغة وإمام بارع فيها وله إضافات جميلة ومن ذلك قوله عند قوله تعالى {وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد} (٣)

وقد عن لى في بيان إيقاعهم الفساد أنه مراتب:

أولها: إفسادهم أنفسهم بالإصرار على تلك الأدواء القلبية التى أشرنا إليها فيما مضى وما يترتب عليها من المذام ويتولد من المفاسد.

الثانية: إفسادهم الناس ببث تلك الصفات والدعوة إليها وإفسادهم أبناءهم وعيالهم في اقتدائهم بهم في مساوئهم كما قال نوح عليه السلام {إنك إن تذرهم يضلوا عبادك ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا} (٤)

الثالثة: إفسادهم بالأفعال التي ينشأ عنها فساد المجتمع، كإلقاء النميمة والعداوة وتسعير الفتن وتأليب الأحزاب على المسلمين وإحداث العقبات في طريق المصلحين.

والإفساد: فعل ما به الفساد، والهمزة فيه للجعل أي جعل الأشياء فاسدة في الأرض.

والفساد أصله استحالة منفعة الشيء النافع إلى مضر به أو بغيره، وقد يطلق على وجود الشيء مشتملا على مضرة، وإن لم يكن فيه نفع من قبل يقال: فسد الشيء بعد أن كان صالحا، ويقال: فاسد إذا وجد فاسدا من أول وهلة، وكذلك يقال: أفسد إذا عمد إلى شيء صالح فأزال صلاحه، ويقال: أفسد إذا أوجد فسادا من أول الأمر. والأظهر أن الفساد موضوع للقدر المشترك في الأطعمة، ومنه إزالة الأشياء النافعة كالحرق والقتل للبرآء، ومنه إفساد الأنظمة كالفتن والجور، ومنه إفساد المساعي كتكثير الجهل وتعليم الدعارة وتحسين الكفر ومناوأة الصالحين، ولعل المنافقين قد أخذوا من ضروب الإفساد بالجميع، فلذلك حذف متعلق تفسدوا تأكيدا للعموم المستفاد من وقوع الفعل في حيز النفي.


(١) ١/ ١ / ١٥٦ - ١٥٧.
(٢) ١/ ١ / ١٦٠ - ١٦١.
(٣) البقرة: ٢٠٥، ١/ ١ / ٢٨٤.
(٤) نوح: ٢٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>