للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وشهيدا بل أكثرهم وإن آمنوا في الظاهر فقد أشركوا كما أخبر تعالى عن ذلك بقوله: {وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون} (١) والمراد بالصديقين والشهداء من المؤمنين الأئمة منهم وكذلك قوله: {والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض} (٢) فالأئمة أولياء من دونهم من المؤمنين، وولايتهم مفترضة على سائر من دونهم من المؤمنين وهم أولياء المؤمنين الذين ولايتهم فرض عليهم، وبعض الأئمة أولياء بعض لأنه لم يكن منهم إمام يستحق الإمامة إلا من بعد أن كان مأموما وكان من قبله إمامه والرسول إمام جميع الأئمة ووليهم فهذا معنى قول الله: {والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض} وولاية من له الولاية منهم من يولي منهم عليه واسم الإيمان كما ذكرنا يجمعهم والخطاب وإن جمعهم في الظاهر فإنه يخص بعضهم دون بعض في الباطن وقوله تعالى: {إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون} (٣) وكل المؤمنين القائمين بما افترضه الله عليهم يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويركعون في الظاهر وقد نص الله على ولاية من وصفه بهذه الصفة ودل بها عليه فلو حمل ذلك أيضا على ظاهره لرجع إلى المعنى الذي بينا فساده، ولكن الصلاة والزكاة كما بينا ذلك في كتاب الدعائم من

الإيمان ومما يوجبه وهما مفروضتان مع سائر الفرائض على الأئمة وعلى كافة المؤمنين، ولكن المراد ها هنا بالذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون الأئمة صلى الله عليهم وسلم لأنهم هم الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة بالحقيقة ظاهرا وباطنا فأما في الظاهر فإن الصلاة الظاهرة التي هي الركوع والسجود والقيام والقعود والتشهد أفضلها ما كان في جماعة ومنها ما لا يجزى إلا كذلك كصلاة الجمعة والعيدين، ولا تكون جماعة إلا بإمام، فالأئمة هم الذين يقيمون الصلاة بالحقيقة وإيتاؤهم الزكاة هو أن العباد قد تعبدوا بدفع مايلزمهم منها إليهم وتعبدوهم بإيتائها من تجب له وصرفها في وجوهها فهم الذين يؤتون الزكاة بالحقيقة من يستحقها وركوعهم طاعتهم لله ولرسوله والصلاة في الباطن هي الدعوة فهم صلى الله عليهم وسلم يقيمونها والمال في الباطن هو العلم وإخراج الزكاة منه في الباطن هو إخراج ما أوجب الله على أهله الذين هم أئمة دينه أن يبذلوه لمستحقه.


(١) يوسف: ١٠٦.
(٢) التوبة: ٧١.
(٣) المائدة: ٥٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>