فراغه من قراءة فاتحة الكتاب، فكيف يؤمرون بالتأمين عند قول الإمام: ولا الضالين، ويؤمرون بالاشتغال عن استماع ذلك، هذا مما لا يصح، وقد أجمع العلماء على أنه لا يقرأ مع الإمام فيما جهر فيه بغير فاتحة الكتاب» (١).
* ويناقش:
قراءة الإمام منها ما هو واجب، كقراءته الفاتحة، ومنها ما هو مستحب، كقراءته لما زاد عليها، فإذا شرع الإمام في القراءة الواجبة استمع المأموم وأنصت لإمامه؛ وإذا شرع الإمام في القراءة المستحبة شَرَعَ المأموم في قراءة الفاتحة، ليكون انشغاله عن الاستماع والإنصات في القدْر المستحب من القراءة، وليس في القدر الواجب منها.
* ورد هذا النقاش من وجهين:
الوجه الأول:
إذا كان استماعه لإمامه، وهو يقرأ الفاتحة لن يغنيه ذلك عن قراءة الفاتحة، كانت قراءة الإمام له، وليست للمأموم، فكيف يجب على المأموم الاستماع والإنصات، والوجوب خاص بالإمام وحده، فالمأموم يقرأ من جنس ما يقرأ الإمام حرفًا وحكمًا، فما الحرج في قراءة المأموم الفاتحة في وقت قراءة الإمام لها، ولو صح حديث عبادة:(ما لي أنازع القرآن لا تفعلوا إلا بأم القرآن) كان ذلك إذنًا مفتوحًا بالقراءة من غير تقييد، إلا أن الحديث ضعيف كما علمت، وهذا على القول بأن قراءة الفاتحة تجب على المأموم في الجهرية.
الوجه الثاني:
تحديد وقت للمأموم يقرأ فيه الفاتحة، وآخر يمنع منه من القراءة يحتاج إلى توقيف، فلو كان مثل هذا مشروعًا لحفظ في ذلك سنة نبوية، فإذا لم يصح في التوقيت دليل متى يقرأ المأموم الفاتحة في الجهرية دَلَّ ذلك على أحد أمرين:
إما أن يقال: لا يوجد فرق في وقت قراءة المأموم للفاتحة، سواء أقرأ ذلك والإمام يقرأ الفاتحة أم كان يقرأ غيرها.