للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو يقال: إن هذا دليل على أنه لا يشرع للمأموم القراءة خلف الإمام في الجهرية، وهو الأقرب، والله أعلم.

الدليل العاشر:

أن الإمام إذا قرأ الفاتحة كانت قراءة له، وقراءة لكل من أمَّنَ على دعائه، لأن المُؤَمِّنَ على الدعاء هو أحد الدَّاعِيَيْنِ؛ لقوله تعالى: {وَقَالَ مُوسَى رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلأهُ زِينَةً وَأَمْوَالاً فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَن سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الأَلِيم} [يونس: ٨٨]، فقال الله تعالى: {قَدْ أُجِيبَت دَّعْوَتُكُمَا} [يونس:٨٩] فنسب الله تعالى الدعاء لموسى وهارون، مع أن الداعي كان موسى؛ لتأمين هارون على دعائه، فدل ذلك على أن قراءة الإمام في الجهرية التي يسمعها المأموم ويُؤَمِّنَ عليها قراءة للمأموم (١).

* ويناقش من ثلاثة وجوه:

الأول: بأن التأمين سنة، فلو تركه المصلي صحت صلاته بالاتفاق.

الثاني: أن المُؤَمِّنَ داعٍ لا شك في ذلك، ولكنه ليس قارئًا، وإنما كان المؤمِّنُ داعيًا؛ لأن معنى قوله: (آمين) اللهم استجب، وهذا حقيقة الدعاء، فهو سائل كما أن الداعيَ سائل، فكل مُؤَمِّنٍ داعٍ، وليس كل داعٍ مُؤَمِّنًا.

الثالث: لم يقل أحد: إن التأمين بدل عن وجوب قراءة الفاتحة؛ لأن ذلك يعني أنه إذا فات البدل وجب الرجوع إلى الأصل، فليس سقوط الفاتحة عن المأموم مشروطًا بإدراك التأمين.

* دليل من قال: يستحب للمأموم القراءة في السرية:

الدليل الأول:

(ح-١٤٠٤) ما رواه مالك في الموطأ، قال: عن ابن شهاب عن ابن أكيمة الليثي،

عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم انصرف من صلاة جهر فيها بالقراءة فقال هل قرأ معي منكم أحد آنَفًا؟ فقال رجل: نعم أنا يا رسول الله .... الحديث (٢).


(١). انظر: فتاوى ورسائل سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم (٢/ ٢٨٩).
(٢). الموطأ (١/ ٨٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>