للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنه سمع جابر بن عبد الله يقول: من صلى ركعة لم يقرأ فيها بأم القرآن، فلم يُصَلِّ إلا وراء الإمام.

[صحيح] (١).

الدليل الخامس:

(ث-٣٤٣) روى مالك في الموطأ عن نافع،

أن عبد الله بن عمر كان إذا سئل: هل يقرأ أحدٌ خلف الإمام؟ قال: إذا صلى أحدكم خلف الإمام فحسبه قراءة الإمام، وإذا صلى وحده فليقرأ. قال: وكان عبد الله لا يقرأ خلف الإمام (٢).

وسنده في غاية الصحة.

فكون الصحابة رضي الله عنهم يطلقون هذه الأقوال، ولا يستثنون السرية من الجهرية دليل على أن القراءة ليست واجبة، ولو كانت قراءة المأموم واجبة في السرية لما أطلق الصحابة هذا الكلام دون قيد، وقد جمع الله لهؤلاء الصحابة أنهم من أهل اللسان، وأعلم بدلالات الألفاظ، ومن فقهاء الصحابة وأهل الفتوى، وكانوا مع النبي صلى الله عليه وسلم طيلة حياته، فحين يقول جابر رضي الله عنه: (من صلى ركعة لم يقرأ فيها بأم القرآن فلم يُصَلِّ إلا أن يكون وراء الإمام)، فالاستثناء معيار العموم، فالمأموم لو ترك القراءة لم يضره، وكذلك الكلام ينطبق على قول ابن عمر رضي الله عنهما، ولا يعارَضُ كلامهم هذا بأنه قد جاء عنهم القراءة في الصلاة السرية؛ فإنهم لم يحرموا القراءة في الصلاة السرية، وفعلهم في السرية لا يدل على الوجوب، بل يدل على استحباب القراءة؛ ولأن دلالة القول أبلغ من دلالة الفعل.

قال ابن تيمية: «وابن عمر من أعلم الناس بالسنة، وأتبعهم لها، ولو كانت القراءة واجبة على المأموم، لكان هذا من العلم العام الذي بيَّنه النبي صلى الله عليه وسلم بيانًا عامًّا. ولو بين ذلك لهم، لكانوا يعملون به عملًا عامًا، ولكان ذلك في الصحابة لم يَخْفَ مثل هذا الواجب على ابن عمر حتى يتركه مع كونه واجبًا عام الوجوب على عامة المصلين قد


(١). سبق تخريجه، انظر: (ث-٣١٧).
(٢). الموطأ (١/ ١٣٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>