للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولم يمكنه تلافي ذلك سجد للسهو، ولم تبطل صلاته، حتى على القول بوجوبها في كل ركعة، وظاهر المدونة أنه يعيد أبدًا احتياطًا، وهو ظاهر المذهب.

وقيل: يعيد إذا تركها في ركعة من ثنائية أو في ركعتين من رباعية، وهذا مبني على أن الفاتحة تجب في أكثر الركعات إن كانت الصلاة ثلاثية أو رباعية (١).

فإن لم يسجد للسهو، أو تركها عمدًا بطلت حتى على القول بأنها لا تجب في كل ركعة.

وقيل: لا سجود عليه، لأن الأقل تبع للأكثر (٢).

القول الثالث: مذهب الشافعية:

المصلي إن شدد حرفًا مخففًا أساء، وأجزأه، قال بعضهم: إلا إذا تغير المعنى وتعمد.

وإن خفف المصلي حرفًا مشددًا من الفاتحة متعمدًا، ولو كان مأمومًا لم تَصِحَّ قراءته ولا صلاته؛ فإن لم يتعمد بطلت قراءة تلك الكلمة (٣)، ولم تبطل صلاته.


(١). سبق لنا مذهب المالكية في وجوب الفاتحة، ولهم في وجوبها أربعة أقوال:
فقيل: تجب في كل ركعة، وهو قول مالك في المدونة، وشهره ابن بشير، وابن الحاجب، وابن عبد الوهاب، وابن عبد البر، وهو أصح الأقوال في المذهب، وقال القرافي: هو ظاهر المذهب.
وقيل: تجب في الجل، وسنة في الأقل، فتجب في اثنتين من الثلاثية، وفي ثلاث من الرباعية، وفي كل الركعات من الثنائية، وإليه رجع مالك.
وهذان القولان مشهوران عند المالكية، وفيه قولان آخران:
أحدهما: أنها تجب في ركعة، وسنة في الباقي. انظر: حاشية الدسوقي (١/ ٢٣٨).
الثاني: وقيل: واجبة في النصف، وسنة في الباقي.
(٢). حاشية الدسوقي (١/ ٢٣٨، ٢٣٩)، حاشية الصاوي على الشرح الصغير (١/ ٣١١، ٣١٢)، التاج والإكليل (٢/ ٢١٣، ٢١٤)، مواهب الجليل (١/ ٥١٩) و (٢/ ١٠٢)، الفواكه الدواني (١/ ٢٢١)، الذخيرة للقرافي (٢/ ٢٤٦).
(٣). هذا تعبير الخطيب في مغني المحتاج (١/ ٣٥٥)، والشربيني في الإقناع (١/ ١٣٤)، وقال النووي في المجموع (٣/ ٣٩٢)، وفي الروضة (١/ ٢٤٢): (لم تصح قراءته) يقصد لتلك الكلمة، لا جملة القراءة، وقال الرافعي في فتح العزيز (٣/ ٣٢٦): (لم تصح صلاته) يقصد إذا لم يرجع ويصحح الخلل الذي دخل الفاتحة.
قال في أسنى المطالب (١/ ١٥٠، ١٥١): (لو خفف) مع سلامة لسانه (حرفًا مشددًا من الفاتحة) ... (بطلت قراءته) لتلك الكلمة لتغييره النظم». فخص بالبطلان تلك الكلمة، ولم يعد البطلان على ما سبقها إن عاد قريبًا وقرأ الكلمة وما بعدها على الوجه الصحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>