للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقيل: يكره تنكيس السور إذا كانت السورة الأولى متعلقة بالسورة الثانية، كما يقال: إن سورة قريش متعلقة بسورة الفيل، وهو قول لبعض الحنابلة (١).

فصارت الأقوال الأربعة ترجع إلى قولين:

الكراهة، وهي على قولين: إما كراهته مطلقًا، أو كراهته في الفرض.

والجواز، وهو على قولين أيضًا: إما جوازه مطلقًا، أو جوازه في النفل خاصة، وأما التحريم فلا قائل به.

قال ابن بطال: «لا نعلم أن أحدًا منهم قال: إن ترتيب ذلك -يعني السور- واجب في الصلاة وفي قراءة القرآن ودرسه، وإنه لا يحل لأحد أن يتلقن الكهف قبل البقرة، ولا الحج بعد الكهف ... » (٢).

* دليل من قال: يكره التنكيس مطلقًا:

الدليل الأول:

(ث-٣٤٥) ما رواه ابن أبي شيبة في المصنف، قال: حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن شقيق، قال:

قيل لعبد الله: إن فلانًا يقرأ القرآن منكوسًا، فقال عبد الله: ذاك منكوس القلب (٣).


(١). وجه ارتباط سورة قريش بسورة الفيل على أحد الأقوال، قال ابن كثير في تفسيره (٨/ ٤٩١): «هذه السورة مفصولة عن التي قبلها في المصحف الإمام، كتبوا بينهما بسم الله الرحمن الرحيم وإن كانت متعلقة بما قبلها. كما صرح بذلك محمد بن إسحاق وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم؛ لأن المعنى عندهما: حبسنا عن مكة الفيل وأهلكنا أهله {لإيلاف قريش} أي: لائتلافهم واجتماعهم في بلدهم آمنين». اهـ فالله جعلهم كعصف مأكول لتبقى قريش وما قد ألفوا من رحلة الشتاء والصيف.
وقال العز بن عبد السلام في تفسيره (٣/ ٤٩١): كان عُمَرُ وأُبَيٌّ رضي الله عنهما يريانهما سورة واحدة لا يفصلان بينهما. اهـ
وقال ابن حجر في الفتح عن اللام في لإيلاف (٨/ ٧٣٠): «قيل: اللام متعلقة بالقصة التي في السورة التي قبلها، ويؤيده أنهما في مصحف أبي بن كعب سورة واحدة ... ».
وانظر: الفروع لابن مفلح (٢/ ١٨٣)، المبدع (١/ ٤٣٣).
(٢). شرح البخاري لابن بطال (١٠/ ٢٣٩).
(٣). المصنف (٣٠٣٠٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>