للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوجه الثالث: لو سلمنا أن ترتيب السور توقيفي، فهو بالنسبة للرسم والكتابة، وأما في حق التلاوة فقد قام الدليل الإيجابي على جواز تنكيس السور، وقد وقع مثل هذا من الرسول صلى الله عليه وسلم، كما وقع من الصحابة، فلا يكون ترتيب السور كتابة في المصحف دليلًا على كراهة التنكيس، والله أعلم.

* دليل من قال: يجوز التنكيس ويستحب الترتيب:

الدليل الأول:

قال الله تعالى: {فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ} [المزمل: ٢٠].

وقال صلى الله عليه وسلم للمسيء صلاته: إذا قمت إلى الصلاة فكبر، ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن .... (١).

وجه الاستدلال:

أن الأمر بقراءة القرآن في الصلاة جاء مطلقًا في الكتاب والسنة، والمطلق على إطلاقه، فيدخل في الامتثال كل من قرأ من القرآن سواء أكانت السور مرتبة أم لا؛ لأن النصوص المطلقة لا يقيدها إلا نصوص شرعية، أو إجماع، والله أعلم.

الدليل الثاني:

كراهة التنكيس حكم شرعي من أحكام التكليف، يفتقر في إثباته إلى دليل شرعي، ولم يثبت نهي من الشارع ينهى فيه عن تنكيس سور القرآن في الصلاة، والأصل عدم الكراهة.

فإن قيل: كيف تستحبون الترتيب، ولم يَأْتِ بالترتيب أمر من الشارع يأمر فيه بمراعاة ترتيب السور؟

فالجواب أن ترتب الاستحباب مأخوذ من كون الترتيب هو غالب فعل النبي صلى الله عليه وسلم.

الدليل الثالث:

(ح-١٤٠٧) ما رواه مسلم من طريق الأعمش، عن سعد بن عبيدة، عن المستورد بن الأحنف، عن صلة بن زفر،

عن حذيفة، قال: صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة، فافتتح البقرة، فقلت: يركع عند المائة، ثم مضى، فقلت: يصلي بها في ركعة، فمضى، فقلت: يركع


(١). البخاري (٧٩٣)، ومسلم (٤٥ - ٣٩٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>